إدريس لشكر: بين الواقعية السياسية وتهمة التطبيع

kapress28 مارس 2025آخر تحديث :
إدريس لشكر: بين الواقعية السياسية وتهمة التطبيع

في السياسة، لا يوجد رأي محصن ضد الجدل؛ كل موقف جريء يثير عاصفة من التأويلات، وهذا بالضبط ما حدث مع إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد تصريحه حول ما يحدث في غزة. لكن هل كان تصريحه خروجًا عن الإجماع الوطني، أم محاولة لفهم الأحداث بمنطق سياسي بعيد عن العاطفة؟

منذ أن أدلى إدريس لشكر بتصريحه، اندلعت موجة من الجدل الحاد بين مؤيد ومعارض. البعض اعتبر موقفه جرأة سياسية، فيما رأى آخرون أنه خروج عن الخط الوطني. لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل كان مخطئًا في قراءته للأحداث؟ هل كان تصريحه انتقادًا للمقاومة؟ ليس بالضرورة ما طرحه إدريس لشكر ليس رفضًا للمقاومة، بل تحليلًا لقراراتها الأخيرة، وخاصة تداعيات ما حدث في 7 أكتوبر. الموقف هنا ليس بين مؤيد ومعارض للمقاومة، بل بين من يطالب بتقييم التكتيكات، ومن يرى أي نقاش بهذا الشأن خروجًا عن الخط.

لكن لماذا أثار تصريحه كل هذا الجدل؟ لأننا نعيش في مناخ يرفض المراجعة النقدية. أي رأي لا ينسجم مع الخطاب العاطفي السائد يتم تصنيفه فورًا كخيانة أو تطبيع، رغم أن المواقف السياسية لا يمكن أن تُدار بمنطق الأبيض والأسود. فهل يعني هذا أن نقد الفصائل الفلسطينية ضروري؟ النقد ليس ترفًا، بل أداة لتطوير الأداء السياسي. كثير من المفكرين الفلسطينيين أنفسهم دعوا إلى تقييم التجربة، لكن حين يأتي النقد من خارج الإطار الفلسطيني، يصبح مستفزًا للبعض. مع ذلك، لا يمكن أن نمنع النقاش بدعوى أنه قد يُساء فهمه.

إذن، هل موقف إدريس لشكر يعبر عن قناعة شخصية أم موقف حزبي؟ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تاريخيًا دائمًا من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية. الموقف الذي عبر عنه لشكر ليس انحرافًا عن هذا المسار، بل قراءة سياسية للحظة الراهنة، وهي قراءة قد نتفق أو نختلف معها، لكنها بالتأكيد ليست عداءً للمقاومة.

في النهاية، ما الدرس المستفاد من هذا الجدل؟ الدرس الأهم هو الحاجة إلى نقاش سياسي أكثر نضجًا، بعيدًا عن التخوين والتصنيفات الجاهزة.

القضية الفلسطينية لن تستفيد من تحويل أي قراءة نقدية إلى تهمة، بل تحتاج إلى انفتاح على آراء مختلفة، حتى لو كانت غير مريحة.

إن طرح هذه الأسئلة ليس دفاعًا عن لشكر، ولا محاولة لتبرير موقفه، بل هو رغبة في تفكيك هذا الجدل بعيدًا عن العواطف الجارفة.

كصحفي محترف بجريدة “كابريس”، لا يمكنني الانجرار وراء التأويلات السطحية أو التصنيفات الجاهزة، بل أسعى إلى تحليل المواقف بموضوعية. إذا كنا نريد حقًا خدمة القضية الفلسطينية، فعلينا أن نخرج من دائرة الخطابات المطلقة إلى مساحة التفكير النقدي. فهل يمكننا ذلك، أم أننا محكومون بالبقاء في دائرة المزايدات؟

وفي إطار تعزيز الحوار الفكري وتوسيع دائرة النقاش حول هذا الموضوع، يسرنا في جريدة “كابريس” أن نفتح المجال لكل من السياسيين والمثقفين الذين يرغبون في المشاركة بآرائهم وتحليلهم لهذا الموضوع.

نؤمن بأن التنوع في الأفكار والنقاشات النقدية يسهم في إثراء الفهم الجماعي ويعزز من مستوى الوعي العام. وبالتالي، فإن “كابريس” مستعدة لنشر هذه المساهمات، إيمانًا منها بدور الصحافة في تبادل الأفكار البناءة وتحفيز النقاش الموضوعي.

البريد الالكتروني لجريدة كابريس

Kapress2023@gmail.com.

بقلم: المصطفى العياشي/ “كابريس”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة