
مقال رأي : عزيز طالب / كابريس
مع كل عيد أضحى تزداد معاناة الفقراء مع الأضحية، وفي الآونة الأخيرة يزداد معها تطرف البعض حيال الأضحية، بعد ان كانت الأضحية في عهد أجدادنا سنة نبوية بما تيسر: خروف، نعجة، ماعز، دجاج، فراخ، رفع التطرف سيفه في التسعينات ليثقل على الناس بضرورة ذبح أحسن أضحية وأثمنها وهي الخروف، ليزيدوا الثقل على كاهل فقراء خير امة اخرجت للعالمين؛ وهم يرددون على مسامعه أنها مجرد سنة نبوية، وهم يعلمون أن سلطة المجتمع اقوى وبذلك لا خيار للفقير غير الرضوخ لسلطة القطيع، وليتأكدوا من إخضاع الناس حولوا الاضحية في بداية الألفية من سنة نبوية إلى سنة مؤكدة، وكأنهم بذلك يقولون لفقراء الأمة أن الاضحية بمنزلة الفرض الديني لإخضاع العامة من الفقراء والمساكين، ومخافة إيجاد مخرج لهم يقيهم عذابات تحالف سلطة التطرف وسلطة المجتمع.
وفي السنوات الأخيرة مع نزوح التغيرات المناخية والتي أدت إلى تراجع هطول الامطار وندرة المياه وبالتالي التضخم وغلاء الاسعار، تطرف المتحدثون بالنيابة عن الله اكثر حيال الأضحية، وبدؤوا في تحويلها من سنة مؤكدة بعد ان كانت سنة نبوية إلى شعيرة من شعائر الله بغير نص من القران، مستعينين بنصوص شعيرة الهدي من الحج لإلباسها للأضحية خارج الحج والحرم، لاستغلالها في إخضاع العامة والفقراء خاصة بما انهم الأكثرية، في صورة تنم عن استغلال فظيع لجهل الناس بالنصوص وفهمها، ولم يقفو عند ذلك بل حرّموا معه التصدق بالاضحية كاملة أو بثمنها بالنسبة للميسورين للتخفيف عن الفقراء، وكأن بهم يأكدون هوس استفرادهم بالعامة والفقراء لإخضاعهم بالجهل والفقر والعوز والحرمان أكثر.
ومع كل عيد أضحى خاصة في السنوات الاخيرة والتي اصبح فيها العيد عيد هم وغم على الفقراء، يأبى المتحدثون بالنيابة عن الله التخفيف على الناس وإبراز مايسوقون زورا أنه رحمة وتيسير على العباد، يأبى المتحدثون بالنيابة عن الله إعلاء الرحمة ورحمة الفقراء من خلال إعادة الاضحية إلى تصورها الاصلي قبل التطرف فيها، إعادتها لمكانتها الاصلية وهي السنة النبوية بغير تأكيد، وشرح الفرق بينها وبين الهدي المتعمد إخفاؤه عن سبق إصرار وترصد، والتأكيد على أن الفرض والشعيرة هو نحر الهدي بالحرم وليس الأضحية. وبما ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان نتمنى أن يجتهدوا من خلال إيجاز التصدق بالأضحية وثمنها رحمة بفقراء الإسلام، كآلية للتخفيف عن الناس؛ ولإبراز الرحمة واليُسر والتيسير في الدين على العباد.
ومع أنهم لن يفعلوا وسيتطرفون في الاضحية أكثر بغير نص حتى يجعلوها ركنا من أركان الإسلام، وسيستغلون جهل العامة ويستمرون في إلباس الأضحية نصوص الهدي، سعيا لتحويل الاضحية لفرض ديني يخضعون به الفقراء، فإننا نتمنى أن يجتهدوا رحمة بفقراء خير أمة قبل أن يستفيقوا على ماهو اعظم وأجل بعد فوات الأوان.