الجهوية المتقدمة بين التفعيل على أرض الواقع وبين بقائها سجينة رفوف الإدارات العمومية: جماعة أولاد تايمة نموذجا

kapress21 ديسمبر 2023آخر تحديث :

بقلم : يوسف بدري / رضوان البقالي / كابريس

شكلت الجهوية المتقدمة أهمية بالغة في مسلسل الإصلاح الذي أطلقته الدولة المغربية من أجل تسريع وثيرة التنمية والتغلب على التحديات التي تواجه الدولة في بناء مغرب يتسع للجميع وتحفظ فيه كرامة مواطنيه مع فتح الطريق أمام كل جهة للمساهمة في البناء الديمقراطي في إطار تفعيل وتدعيم مبدأ اللامركزية عبر سن ترسانة قانونية تؤهلها للحصول على الشرعية اللازمة لتقوية التدبير وإتخاذ القرارات المحلية ووضع مخططات وبرامج …. تروم وضع حد للفوارق المجالية والإجتماعية ومكافحة الإختلالات ، وجاءت هذه التوجيهات بنص دستوري من خلال الفصل الأول من دستور 2011 حيث ينص على أن ” التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي ؛يقوم على الجهوية المتقدمة” . كما تم تخصيص الباب التاسع من الدستور كاملا للحديث عن الجهات والجماعات الترابية الأخرى بالموازاة مع صدور قوانين تنظيمية للجماعات المحلية بشكل مفصل . وتندرج الجهوية المتقدمة في صلب الأوراش الإستراتيجية الكبرى للمغرب وتعد بمثابة تتويج لمسار اللامركزية والديمقراطية المحلية الذي نهجته البلاد منذ أول تقسيم إداري للمملكة سنة 1959؛ ويأتي تفعيل الجهوية المتقدمة بهدف إيجاد جهات قائمة بذاتها قابلة للإستمرار من خلال بلورة معايير تلامس العقلانية والواقعية في التدبير مع مراعاة الأساس القانوني الذي ينظمها ، هذا من جهة ؛ومن جهة أخرى تكون جل إهتماماتها تصب في خدمة المصالح العليا للوطن ولها مايكفي من القدرة على تفعيل مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة ؛وإذا ماتم إسقاط الكل على الجزء؛ والعام على الخاص والخروج من قوقعة التعميم ؛ فجهة سوس ماسة على سبيل المثال وبالضبط الجماعة الحضرية أولاد تايمة “هوارة” أو ” أربعة وأربعين” كما تعرف عند أهل سوس حيث تضم 89303 نسمة حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 .

إنه تجمع بشري وسكاني لا يستهان به ؛إضافة إلا أن المنطقة تزخر بالأنشطة الفلاحية وهذه الأخيرة تعتبر العمود الفقري للإقتصاد الوطني .
الجماعة الحضرية أولاد تايمة وحاضرة منطقة هوارة تعد من أهم معاقل لإنتاج الحوامض بالمملكة ناهيك عن الدور الإقتصادي الذي تلعبه في إنتاج مواد البناء وإيواء مجموعة مهمة من الأنشطة الصناعية المرتبطة بقطاع الفلاحة المعدة أساسا للتصدير خارج المغرب كإنتاج الحوامض واللحوم البيضاء والبيض …الخ ؛ مما جعلها تتبوأ مكانة مشرفة وطنيا وتصبح قطبا إستثماريا يساهم في الحد من شبح البطالة عن طريق توفير فرص الشغل للشباب والنساء …كما لايخفى على أحد الدور المنوط بالجماعات الترابية في خدمة المواطنين/ات والحفاظ عن الثبات والإستقرار الإجتماعي للحد من الهجرة القروية إذا تعلق الأمر بجماعة قروية ؛ومحاربة الجريمة عن طريق توفير فرص الشغل لأنها تتميز بالإستقلال الإداري والمالي مع إيجاد مداخيل لتفعيل مقتضيات دستور 2011 في الشق المتعلق بالجهوية المتقدمة إذا تعلق الأمر بجماعة حضرية . وماتشهده جماعة أولاد تايمة بإعتبارها جماعة حضرية من داخل إقليم تارودانت حيث هناك تباعد بين برمجة المشاريع وتنزيلها على أرض الواقع مما زاد من توسيع رقعة الفوارق المجالية والإجتماعية ؛فمنذ الإنتخابات الأخيرة وتشكيل المجلس الجماعي الذي جاء من توليفة لأحزاب الأغلبية الحكومية (الأحرار ؛الاستقلال؛البام) ؛ ورغم أنه” المجلس الجماعي” جاء من رحم الإنتخابات إلا أنه يبقى خلف غير شرعي للمجلس السابق التابع حزبيا لحزب العدالة والتنمية ؛هذا الأخير خلف إستحسانا عند سكان المنطقة نظرا لعدة إعتبارات نحن في غنى عن سردها الأن ؛ وبتواز مع ماسبق ذكره فسكان جماعة أولاد تايمة علقوا في البداية آمالا على المجلس الجديد خصوصا وأن حبله السري مع الحكومة قصير جدا ويسهل عليه عملية الإمتصاص والنمو …إضافة إلى أن كل اللجان توجد في يد أعضاء الأغلبية على سبيل المثال لا الحصر :

  • لجنة التنمية والاستثمار والشراكة والتعاون
    -لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة ؛
    -لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية ….الخ .

أولاد تايمة منذ أن انظمت لأول مرة كجماعة بتاريخ 30شتنبر 1976؛ثم تحولت إلى جماعة حضرية على إثر التقسيم الجماعي لسنة 1992؛ ولازالت تعيش على إيقاع النقص الحاد في الخدمات الإجتماعية والرياضية والثقافية…
فعلى المستوى التعليمي: هناك غياب للمعاهد ولمراكز التكوين المهني وللكليات …أما على المستوى الصحي فتشهد المدينة غياب شبه تام للمؤسسات الصحية اللازمة لتلبية حاجيات السكان ؛ حيث تتوفر المدينة على مركز صحي بصفة مستوصف ( لا يحمل اي اسم )، قروي بمنطقة نائية وليس بمدينة تتطلع لتصبح عمالة قائمة بذاتها؛ ناهيك عن غياب المصحات الخصوصية المتخصصة في الأمراض المستعصية والمزمنة ؛ويبقى مستشفى أولاد تايمة مجرد محطة عبور لنقل المرضى نحو المستشفى الإقليمي بتارودانت أو إلى المستشفى الجهوي بأكادير واللغة المعتمدة هي “سيييييير لتارودانت…..سييييير لأكادير ….” ؛وفيما يخص
التجهيزات الأساسية فأغلب الطرق والشوارع بالمدينة تنذر بكثرة الحفر مع كثرة البناء العشوائي والأحياء الهامشية “الرطيم؛الحريشة؛بوخريص …”
ومرورا بمجال الإستثمار على مستوى المدينة فهناك غياب لهندسة صناعية إستثمارية تواكب التطورات الحاصلة في الشأن الفلاحي عالميا مع ركود
للإستثمار العمومي و الخصوصي بدون إستثناء ؛مما يتطلب توسيع وتجهيز المنطقة الصناعية التى تعرف تأخرا كبيرا في تهيئتها و كذا برمجة مناطق اقتصادية اخرى تلبي حاجيات الساكنة وتسد ثغرات البطالة في صفوف الشباب وترفع أيضا من إنتاجية الإقتصاد الوطني؛
بعدما تشكل المجلس الجماعي الحالي وفي فبراير الماضي خلال دورته العادية حيث تمت المصادقة على برنامج عمل ضخم من حيث الشكل والممتد من سنة 2023 الى سنة 2028 بتكلفة مالية تناهز 780 مليون درهم ؛156 مليون درهم منها كمساهمة من الجماعة و623مليون درهم تكلف به باقي الشركاء وذلك وفق رؤية عامة للجماعة التي اعتبرت كخارطة طريق عمل المجلس خلال ولايته الحالية ؛ومن محاور هذه الرؤية الإستراتيجية التي تضم 91 مشروع حيث ارتبطت:

بالتأهيل الحضري والعدالة المجالية والأنشطة الإقتصادية وتشجيع الاستثمار…
-التنمية الثقافية والرياضية
-النهوض بالمجال الاجتماعي والبيئي
-تحسين خدمات الإدارة وتفعيل مبدأ الحكامة ؛ مشاريع مهمة قد تساهم في تحويل أولاد تايمة إلى جماعة حضرية حقيقية على أرض الواقع كما في الورق المدرجة في الرفوف؛ وتصبح مدينة تمتلك كل مقومات التمدن والتحضر …عكس ماهي عليه اليوم . كل من يتابع الشأن المحلي لمدينة أولاد تايمة سيكون على إضطلاع على حجم نقص الخدمات في مقابل غنى الموارد الطبيعية والطاقات البشرية ؛ ومنطقة هوارة ليست بمعزل عن كل مناطق المغرب وجهاته …وسيتقدم المغرب بتقدم جهاته وأقاليمه …ولن يتأتى ذلك إلا عندما تتحرك الروح الوطنية الحقيقة في نفوس من يدير الشأن العام؛ روح مرتبطة بالعمل الجاد والكفاءة الفعلية وتجاوز الشعارات الجوفاء والمصالح الشخصية وأن يستيقظ المواطن من نومه العميق ويتوقف عن تناول حبوب منع الكلام ؛[[فإذا كان قديما يقال أن الصمت حكمة ومنه تتفرق الحكم ؛فاليوم مع إتساع دائرة الفساد بكل أنواعه أضحى الصمت خيانة للنفس ؛وكبح للمصالح الجماعية المشتركة على حساب المصالح الفردية]] ؛والتسيير علم وفن لإدارة الموارد المتاحة بما يخدم الأهداف والغايات المجتمعية الكبرى ولا يبرر غياب إنجاز المشاريع إلا إذا غابت الموارد وإنعدمت السبل المتاحة بشكل كلي؛والمسؤولية الإجتماعية تقتضي أداء الواجب المهني تجاه الأخرين بشكل معقلن دون الخروج عن سكة مايطرحه الإلتزام المبدئي في إطار العقد الإجتماعي ؛دون إغفال الواجب الأخلاقي المتمثل في العطف والمساعدة والتعاون….عند الأزمات زلزال الحوز نموذجا . إن التحلي بروح المسؤولية
يجنب الوقوع في المحظور ومخالفة القانون ويرفع من التفاعل المجتمعي في المقابل التهرب من المسؤولية وتغليب الخاص على العام يفقد المجتمع توازنه وينتج الفوضى ثم الإنهيار وصولا الى زرع بذور جديدة للفتنة والتخلف ؛وعليه حسب الفيلسوف ومفكر عصر الأنوار جون بول سارتر “” الإنسان لما كان محكوما عليه أن يكون حرا؛ فإنه كان يحمل على عاتقه عبىء العالم كله ؛إنه مسؤول عن نفسه بوصفه حالة وجود””

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة