منير نافيع/كابريس
في كل زاوية من شوارع المغرب، تروي الوجوه المتعبة حكايات شباب اختارهم اليأس قبل أن يختاروا مصائرهم. شباب كافحوا على مقاعد الدراسة، تسلحوا بالشهادات العليا، وحلموا بوظائف تحفظ كرامتهم. لكن في وطن يملي فيه المال والنفوذ قواعد اللعبة، تتحول الكفاءة إلى مجرد كلمة جوفاء، ويبقى المستقبل مجهولا.
تصريح وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي قال فيه: “ولدي عندو شواهد وباه لباس عليه وكيقرى في كندا”، كان أكثر من مجرد كلمات عابرة. إنه انعكاس لواقع مرير يؤكد أن من يملك المال والمعرفة هو من يحظى بالفرص، بينما يترك الشاب البسيط ليواجه حظه العاثر.
حين تغلق كل الأبواب، لا يبقى أمام الشباب سوى خيارات مؤلمة. قوارب الموت أصبحت رمزا للهروب من البطالة والفقر، بينما يلجأ آخرون إلى العمل في مهن بسيطة، مثل بيع الخضروات على “كروصة”، لكن حتى هذه المحاولة البسيطة تواجه أحيانا بالمضايقات الرسمية.
البطالة ليست مجرد أرقام اقتصادية، بل قنبلة اجتماعية تنفجر في شكل أمراض نفسية. الشاب الذي يرى جهوده تتبخر أمام المحسوبية والفساد، يدخل في دوامة من الإحباط والقلق. ومع استمرار هذا الوضع، يتحول اليأس إلى مرض صامت يفتك بالنفوس، مهددا بخلق جيل محطم نفسيا.
في مواجهة هذا الوضع، تظل الحلول الحكومية في خانة الشعارات الجوفاء. الوعود المتكررة بخلق فرص شغل وتشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل لم تحقق سوى خيبة الأمل. ما يحتاجه الشباب اليوم هو سياسات فعلية تحارب الفساد والمحسوبية، وتفتح الأبواب أمام الكفاءات، بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية.
الواقع يُنذر بكارثة: إما أن تعالج الحكومة أزمات البطالة والفقر بجدية، أو تواجه موجات جديدة من الهجرة، والإحباط، وربما الانفجار الاجتماعي. فترك الشباب بلا أفق يعني ترك الوطن بلا مستقبل.
إنقاذ الشباب ليس خيارا، بل ضرورة. الأمل الوحيد في إعادة بناء الثقة، ووضع حد لفوارق تجعل المال والمعرفة مفتاح كل شيء. لأن الحقيقة التي لا تقبل الشك هي: وطن بلا كرامة لشبابه، وطن بلا مستقبل.