المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ابراهيم بلالي السويح :”الأقاليم الجنوبية المغربية على عتبة تحول اقتصادي ضخم”

kapress14 نوفمبر 2024آخر تحديث :
المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ابراهيم بلالي السويح :”الأقاليم الجنوبية المغربية على عتبة تحول اقتصادي ضخم”

منير نافيع/العيون

في تصريح حصري لجريدة “كابريس”، كشف السيد إبراهيم بلالي السويح، المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، عن تفاصيل مهمة بشأن زيارة السفير الفرنسي المعتمد في المملكة المغربية، السيد كريستوف كورتي، الذي يرأس وفدا رفيع المستوى يتضمن رجال أعمال وصناع قرار. تهدف الزيارة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي وقعت مؤخراً بين المغرب وفرنسا، وتستهدف مجالات حيوية مثل الاقتصاد، التعليم، الثقافة، والتكنولوجيا، مما يعكس نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وتأتي هذه الزيارة عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب، حيث أطلق البلدان مرحلة جديدة تتجاوز التعاون الدبلوماسي التقليدي إلى شراكات فعلية تعنى بالتنمية المستدامة في الأقاليم الجنوبية، وتعمل على تحقيق رؤية شاملة تجمع بين الاقتصاد والثقافة والبنية التحتية والابتكار. ومن أبرز المجالات التي يتوجه إليها هذا التعاون هي تعزيز التنمية الاقتصادية في هذه المناطق، بما يخلق بيئة مستدامة تخدم سكان المنطقة وتدعم الاقتصاد المحلي.

صرّح السيد بلالي أن هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز انفتاح الأقاليم الجنوبية على الاستثمارات الفرنسية وتوطيد علاقات الشراكة التي ستسهم في دعم مشاريع كبرى هناك. وأضاف أن “هذه الشراكة تمثل نقلة نوعية تضع الأقاليم الجنوبية كجسر استراتيجي يصل بين أوروبا وإفريقيا”، مشيرا إلى أهمية الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها والتي ستسهم في ضخ استثمارات هامة عبر مؤسسة محمد السادس للاستثمار والوكالة الفرنسية للتنمية وبنك الاستثمارات العامة في فرنسا.

تشهد الأقاليم الجنوبية نهضة كبرى على مستوى البنية التحتية، بما في ذلك تحسينات في شبكات الكهرباء والماء والنقل، مما يجعل من المنطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية. فقد جرى إنهاء مشاريع رئيسية في إطار النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، بما يعزز من جاذبية هذه المناطق وقدرتها على استقطاب المستثمرين.

وتتضمن هذه المشاريع محطات الطاقة الشمسية والريحية التي وصلت إلى قدرة إنتاجية ناهزت 800 ميجاواط، كما تم توسيع الربط الكهربائي ليشمل كامل المنطقة. إضافة إلى ذلك، تم إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، مما يسهم في تعزيز الزراعة وتوفير مياه الشرب للسكان المحليين.

أما في المجال الصناعي، فقد تم إنشاء أقطاب صناعية متعددة الاختصاصات، مثل القطب الصناعي بمدينة العيون الذي يديره المكتب الشريف للفوسفاط، والمنطقة الصناعية المتقدمة في ميناء الداخلة الأطلسي، والتي تعد منصة لتطوير قطاع الصناعات البحرية واللوجستية. كل هذه التطورات تجعل من الأقاليم الجنوبية نموذجا تنمويا فريدا يجمع بين النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة.

أوضح السيد بلالي أن الرؤية الاستراتيجية الجديدة تشمل تعزيز التنمية الشاملة عبر استثمارات تشمل مشاريع البنية التحتية وتحسين مناخ الأعمال، مما يجعل من الأقاليم الجنوبية منصة للتكامل الاقتصادي بين المغرب وفرنسا من جهة، وبين أوروبا وإفريقيا من جهة أخرى. وفي هذا السياق، أشار إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي سيساهم في توسيع الروابط التجارية مع إفريقيا، خاصة مع دول غرب إفريقيا ودول خليج غينيا، مما يحقق تواصلا تجاريا واستراتيجيا بين القارتين.

وأكد أن الشراكة المغربية الفرنسية لا تقتصر على المشاريع الاقتصادية الكبرى، بل تتعداها لتشمل مجالات التعليم والثقافة، إذ تعتزم الشركات الفرنسية دعم المشاريع التي تخدم المجتمع المحلي وتدعم التنمية البشرية، مثل تطوير المؤسسات الجامعية ومراكز التكوين المهني، وتوفير التأهيل المهني للشباب المحلي.

في إطار التوجه نحو الاستدامة، يراهن المغرب على الطاقات المتجددة، وتستعد الشركات الفرنسية للانخراط في مشاريع هامة مثل الهيدروجين الأخضر، الذي سيُستخدم كحل استراتيجي لتلبية احتياجات المنطقة الطاقية. وتم تقديم أكثر من 40 مشروعا في هذا السياق، ما يجعل المغرب وجهة استثمارية رئيسية للشركات الفرنسية في هذا المجال، مما يدعم التوجه المغربي لتحقيق 52% من احتياجاته من الطاقة المتجددة.

وفي إطار تنمية المجالات الحضرية، حصلت شركة فرنسية مؤخرا على صفقة قيمتها 82 مليون يورو (280 مليون درهم) لتهيئة مدينة الداخلة، مما يعكس اهتمام فرنسا بالمشاريع المجتمعية التي تستهدف تحسين الحياة اليومية للسكان. وتخطط أيضا لإنشاء مؤسسات جامعية ومراكز ثقافية في المنطقة، مما يعزز الهوية الثقافية ويساهم في تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أعرب السيد بلالي عن اعتزازه بهذه الشراكة التي تعزز العلاقة التاريخية بين المغرب وفرنسا وتدعم رؤية الملك محمد السادس في جعل الأقاليم الجنوبية بوابة بين المغرب وعمقه الإفريقي، ووسيلة لتجسيد رؤية تنموية شاملة تتجاوز حدود الاقتصاد نحو التنمية البشرية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة