المصطفى العياش/كابريس
في خطوة تعكس إصراره على استراتيجيته الاقتصادية، تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتمسك بسياساته الاقتصادية رغم الاضطرابات الحادة التي شهدتها الأسواق المالية عقب فرض رسوم جمركية جديدة. ففي منشور له على منصة “تروث سوشال”، أكد ترامب أن سياساته لن تتغير، مشيرًا إلى أن هذا هو “الوقت المناسب لأن يصبح المرء ثريًا أكثر من أي وقت مضى”.
إن التوترات التجارية التي أثارتها سياسات ترامب ليست جديدة، لكنها تعود هذه المرة في سياق أكثر تعقيدًا، حيث تعاني الأسواق العالمية من تقلبات متزايدة. فرض الرسوم الجمركية أدى إلى تراجع ملحوظ في البورصات، مما يعكس مخاوف المستثمرين من تداعيات هذه الإجراءات على النمو الاقتصادي العالمي.

من الواضح أن ترامب يعتمد على الخطاب المتفائل لجذب المستثمرين، لكن الأسواق لا تستجيب دائمًا بنفس المنطق. فبينما يروج الرئيس الأميركي لفكرة “الاستفادة من الفرص الاقتصادية”، يواجه المستثمرون واقعًا أكثر تعقيدًا، حيث تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج واضطرابات في سلاسل التوريد.
تصريحات ترامب تأتي أيضًا في سياق انتخابي، حيث يسعى لتعزيز صورته كمدافع عن الاقتصاد الأميركي. لكن التساؤل يبقى: هل يمكن لهذه السياسات أن تحقق الوعود بالازدهار، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من الاضطراب؟
تأثير استراتيجية ترامب على المغرب
المغرب، كاقتصاد ناشئ يعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية، قد يتأثر بشكل غير مباشر بسياسات ترامب الحمائية. فرض رسوم جمركية إضافية على الواردات قد يعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية، مما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد والتصدير بالنسبة للمغرب. كما أن أي تراجع في الأسواق المالية العالمية قد يؤثر على تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد. علاوة على ذلك، فإن تغيرات السياسة التجارية الأميركية قد تدفع الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الرئيسي للمغرب، إلى إعادة النظر في سياساته التجارية، وهو ما قد تكون له تداعيات على الاقتصاد المغربي.
كيف يجب أن يتعامل المغرب مع هذه التحولات؟
في ظل هذه التغيرات، ينبغي على المغرب أن يتبنى نهجًا استباقيًا ومرنًا. أولًا، من الضروري تنويع شركائه التجاريين وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي مع أسواق ناشئة في آسيا وإفريقيا، للحد من تبعية الأسواق الأوروبية والأميركية. ثانيًا، يتعين تعزيز الإنتاج المحلي والاستثمار في سلاسل القيمة الوطنية، بما يقلل من التأثر بالتقلبات الخارجية. كما أن الاستثمار في الابتكار الصناعي والتكنولوجيا يمكن أن يعزز قدرة المغرب التنافسية في بيئة اقتصادية عالمية مضطربة.
إلى جانب ذلك، ينبغي تكثيف الجهود الدبلوماسية لضمان بقاء المغرب في موقع متوازن داخل المعادلات الدولية، خاصة عبر الحفاظ على شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة، بدل أن يكون مجرد طرف متأثر بصراعات تجارية عالمية.
في النهاية، يبقى الرهان على قدرة الأسواق على التكيف مع هذه التوجهات، وعلى ما إذا كان المستثمرون سيجدون في سياسات ترامب طريقًا للثراء، أم عقبة جديدة في طريق الاستقرار الاقتصادي. أما بالنسبة للمغرب، فإن حسن تدبير المرحلة يتطلب وعيًا عميقًا بالتحولات الجارية، واستراتيجية تضع في الحسبان المخاطر والفرص في آن واحد.
