المغرب في ملتقى أبوظبي للاستثمار: حضور وازن يؤكد التحول نحو دبلوماسية اقتصادية هجومية

kapress8 أبريل 2025آخر تحديث :
المغرب في ملتقى أبوظبي للاستثمار: حضور وازن يؤكد التحول نحو دبلوماسية اقتصادية هجومية

المصطفى العياش / “كابربس”

بأبوظبي، حيث تتقاطع خرائط المال والتكنولوجيا والطموح الدولي، يسجّل المغرب حضوره في النسخة الرابعة عشرة من الملتقى السنوي للاستثمار (AIM) بوفد رسمي يتقدّمه الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان. هذا الحضور ليس مجرد مشاركة شكلية أو تقليدية، بل يأتي في سياق استراتيجي واضح يؤشر على انتقال المغرب إلى مرحلة جديدة في علاقته بالاقتصاد العالمي: دبلوماسية اقتصادية هجومية، ومقاربة جديدة لتموقع المملكة في السوق العالمية.

الوفد المغربي، الذي يضم مسؤولين وممثلين عن مؤسسات محورية مثل الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، والشركة المغربية للهندسة السياحية، لم يأتِ فقط لتسويق فرص الاستثمار، بل لنقل صورة بلد استثمر طويلاً في إصلاح بنياته ومناخه الاستثماري، وها هو اليوم يقطف ثمار ذلك في المحافل الدولية.

الملتقى الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار “خارطة مستقبل الاستثمار العالمي: الاتجاه الجديد نحو نظام عالمي متوازن”، يشكّل لحظة توازن دقيقة بين التحولات الجيو-اقتصادية المتسارعة، وطموحات الدول الصاعدة في فرض صوتها ومكانتها. وفي هذا الإطار، يظهر المغرب، من خلال مشاركته، كمخاطب جادّ يمتلك رصيداً إصلاحياً حقيقياً، وتجربة ميدانية بدأت تؤتي أُكلها، خاصة في قطاعات مثل الطاقات المتجددة، الصناعات التحويلية، واللوجستيك.

الجناح المغربي بالمعرض المصاحب للملتقى بدا كواجهة مصغرة لما راكمته المملكة من مكتسبات: عرض استثماري متكامل، واستعداد مؤسساتي لاستقبال المشاريع الكبرى، ودينامية حقيقية في تسويق وجهة المغرب ليس فقط كبلد استقبال، بل كشريك استراتيجي في النموذج الاقتصادي الجديد الذي يبحث عنه المستثمرون الدوليون.

ولا تخلو أجندة الملتقى من رمزية عميقة: أزيد من 12 ألف مشارك، من 180 دولة، يجتمعون على مائدة الاقتصاد العالمي، في زمن تتراجع فيه الجغرافيا التقليدية للاستثمار، وتبرز فيه الحاجة إلى تحالفات جديدة مبنية على الاستقرار، القدرة التنافسية، والرؤية المستقبلية. وكلها عناصر يتقاطع فيها المغرب بشكل متسق، ما يجعله فاعلاً يحظى بالاحترام في هذه الدوائر.

بين جلسات النقاش التي فاقت 400، وورشات العمل، ومنتديات الذكاء الاصطناعي، وبطولة الشركات الناشئة، لم يكن حضور المغرب مجرد رقم. بل كان حضوراً مدروساً، مسنوداً برؤية ملكية واضحة تروم جعل المغرب مركز جذب استثماري على صعيد القارة، وواجهة اقتصادية للأفق الإفريقي المتجدد.

وإذا كان الملتقى يبحث عن “خارطة جديدة للاستثمار”، فإن المغرب، من خلال هذا الحضور النشيط، لا يكتفي بتتبّع الخريطة، بل يشارك في رسمها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة