بقلم: المصطفى العياش / “كابريس”
في لحظة تحمل الكثير من الرمزية والدلالة السياسية، استقبل وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت، يوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، نظيره الغامبي السيد عبدولاي سانيانغ، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى المملكة تمتد من 7 إلى 11 أبريل الجاري. وتأتي هذه الزيارة في سياق يعكس الإرادة المتجددة للمغرب في ترسيخ عمق شراكاته الإفريقية، وفق رؤية متبصرة قوامها التضامن والنجاعة وتقاسم الخبرات.
وإذا كانت السياسة الأمنية إحدى ركائز هذا التقارب، فإن اللقاء الوزاري بالرباط لم يكن سوى حلقة جديدة في مسار انطلق فعليا منذ توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين في مدينة الداخلة يوم 25 يناير 2024. وهي مذكرة تميزت بطابعها العملي، وبما تحمله من مضامين دقيقة تهم الأمن العمومي ومحاربة التهديدات المستجدة، وعلى رأسها الإرهاب والهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
لقد كان لافتا في بلاغ وزارة الداخلية المغربية تأكيد الجانبين على محورية هذه الشراكة الأمنية، من خلال برمجة دورات تكوينية متخصصة لفائدة الأطر الأمنية الغامبية، تشمل مجالات متقدمة كالأمن الرياضي، ومكافحة غسل الأموال، والشرطة السينوتقنية، وتدبير النظام العام، فضلاً عن تبادل المعارف المرتبطة بالتحقيقات الجنائية وتحديد الهوية البيومترية.
وتتجسد أهمية هذه الزيارة ليس فقط في بعدها الدبلوماسي، ولكن أيضا في بعدها العملي، إذ من المرتقب أن يزور الوفد الغامبي المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، وهو فضاء تكويني يُعد مرجعا قاريا في التكوين الأمني المتخصص، بما يتوفر عليه من تجهيزات بيداغوجية ووحدات تقنية متقدمة.
إن هذه الدينامية، التي يقودها وزير الداخلية المغربي بكل رصانة وبعد نظر، تعكس موقع المغرب كفاعل موثوق ومبادر في قضايا الأمن الإقليمي والدولي، كما تعبر عن التزام راسخ بنهج التعاون جنوب – جنوب، الذي ما فتئ يشكل أحد أعمدة السياسة الإفريقية للمملكة.
وإذا كانت الزيارة تحمل طابعا بروتوكوليا، فإن جوهرها هو رسالة واضحة: المغرب ماضٍ في توطيد شراكات ذكية مع عمقه الإفريقي، على قاعدة تقاسم التجارب وبناء القدرات، بما يعود بالنفع على استقرار المنطقة وسلامة شعوبها.