ادريس بينهم/الرباط
تعرف الساحة السياسية والاجتماعية بالمغرب منذ يوم السبت 27 شتنبر 2025 حركية غير مسبوقة، على إثر انطلاق احتجاجات جيل “Z” التي رفعت شعارات تطالب بتحسين أوضاع الصحة والتعليم، وضمان الكرامة ومحاربة الفساد.
وقد أفرزت هذه التحركات نقاشاً مجتمعياً واسعاً شمل مختلف المنابر والمنصات، وأصبح الرأي العام يتابع عن كثب ردود فعل الأحزاب السياسية وبلاغات الأغلبية الحكومية، وكذا التصريحات الإعلامية للوزراء.
ورغم أن الإعلام العمومي تأخر نسبياً في تغطية هذه الاحتجاجات في بدايتها، فإنه تدارك الموقف لاحقاً عبر بث برامج حوارية خاصة استضافت فاعلين حكوميين وممثلين عن الشباب، في محاولة لتقريب وجهات النظر ومواكبة النقاش الوطني الدائر.
غير أن السبق الميداني في نقل الأحداث كان للصحافة الإلكترونية، التي أثبتت مجدداً قدرتها على القرب من الشارع عبر البث المباشر والفيديوهات السريعة الانتشار، مما جعلها المصدر الأول لمتابعة تطورات الاحتجاجات بالنسبة لفئة الشباب.
وفي المقابل، فإن المرحلة الحالية تتطلب قدراً عالياً من المسؤولية والمهنية من جميع الأطراف، سواء من قبل السلطات العمومية في تعاملها مع المتظاهرين، أو من قبل الصحفيين في طريقة تغطيتهم لهذه الأحداث. فالمطلوب من الجسم الصحفي المغربي التحلي بروح الوطنية، وتغليب المصلحة العامة على الحسابات التسويقية والسعي وراء نسب المشاهدة.
كما أن الدقة في نقل المعطيات والابتعاد عن الإثارة واجب مهني وأخلاقي، خاصة في ظرفية دقيقة تعرفها البلاد، حيث يُستحسن عدم نشر أو بث تصريحات صادرة عن أطفال أو قاصرين في لحظات انفعال جماهيري، لما لذلك من تبعات قانونية وأخلاقية.
وفي هذا السياق، تم أمس الأحد إيداع أحد الشباب بمدينة الجديدة بالسجن المحلي بأمر من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، على خلفية تصريح تحريضي ضد الدولة ومؤسساتها نُشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أحال المجلس الوطني للصحافة الجريدة الإلكترونية التي بثّت التصريح على لجنة الأخلاقيات من أجل النظر في مدى احترامها للضوابط المهنية.

كما جرى تداول مقطع مصور لرجل خمسيني أمام البرلمان وجه تهديداً صريحاً لرئيس الحكومة بالتصفية الجسدية، في واقعة أثارت نقاشاً حول حدود حرية التعبير ومسؤولية النشر.

وتبقى دعوة المهنيين في قطاع الإعلام والصحافة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تجنب العناوين المستفزة، وتقديم صورة متوازنة وموضوعية عن الأحداث، بما يضمن حق المواطن في المعلومة ويحافظ في الوقت ذاته على السلم الاجتماعي واحترام أخلاقيات المهنة.
