بقلم / منير نافع
تتصاعد الانتقادات في المغرب حول إدارة الحكومة لموارد الدولة، خاصة في ظل التناقض الصارخ بين الإنفاق الباذخ على المهرجانات والفعاليات الترفيهية من جهة، وتفاقم مشكلات الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار من جهة أخرى. هذا التناقض أثار استياء المواطنين، وتحديداً عندما نعت بعض المسؤولين الشعب بـ”المداويخ” بعد أن حج كثير من المغاربة إلى منصة مهرجان موازين، بينما قاطع آخرون هذه المهرجانات التي تُصرف عليها أموال طائلة.
يعتبر مهرجان موازين من أبرز الفعاليات الفنية في المغرب، ويجذب جمهوراً كبيراً كل عام، إلا أن هذا الإقبال الكبير لا يعكس بالضرورة رضا الشعب عن الأولويات الحكومية. بل إن هناك شريحة واسعة من المغاربة ترى أن هذه المهرجانات تمثل تبذيراً للموارد في وقت تعاني فيه الأسر من صعوبات اقتصادية حادة.
يعاني الكثير من المغاربة من الفقر المدقع، وتزداد الأوضاع سوءاً مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة. تتساءل الأسر المغربية عن جدوى هذه المهرجانات التي تُنفق عليها ملايين الدراهم، بينما يعيشون هم في ظروف قاسية، غير قادرين على توفير احتياجاتهم الأساسية.
إن وصف الشعب بالمداويخ من قبل بعض المسؤولين يعكس حالة من الانفصال بين الحكومة والمواطنين، ويزيد من حدة التوتر وعدم الثقة بين الطرفين. فالشعب يتوقع من الحكومة أن تكون أكثر تفاعلاً مع مشاكله اليومية وأن تسعى لتحسين مستوى معيشته بدلاً من التركيز على الفعاليات الترفيهية التي لا تعود عليه بالنفع.
في ظل هذه الظروف، يصبح دور الحكومة في حماية مصالح المواطنين ودعم الفقراء والمحتاجين أكثر أهمية. يتعين على الحكومة أن تعيد النظر في سياساتها وأن تعمل على توجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. كما يجب أن تُعطى الأولوية لدعم الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
من الضروري أن تعمل الحكومة على تعزيز الشفافية والمساءلة لضمان استخدام الموارد العامة بشكل فعال وملائم. يجب أن يكون هناك وضوح في كيفية تخصيص الأموال وأولويات الإنفاق، مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة والشاملة التي تعود بالنفع على جميع المواطنين.
إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإن انعدام الثقة في المؤسسات الحكومية سيزداد، مما قد يؤدي إلى تبعات سلبية على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد. الجيل القادم من المغاربة قد يفقد الأمل في حكومته إذا لم تشهد تغييرات جذرية في السياسات التي تضع مصلحة المواطن في المقام الأول.
في الختام، لا يمكن تجاهل دور الحكومة في توفير الحياة الكريمة لمواطنيها. وبينما يمكن أن تكون الفعاليات الثقافية والفنية جزءاً من هوية المجتمع وتساهم في تعزيز الثقافة الوطنية، إلا أنه يجب أن تكون هناك توازنات وسياسات حكيمة تضمن عدم تغليب الترفيه على الاحتياجات الأساسية للمواطنين. فالحكومة التي تستجيب سريعاً لدعم المهرجانات والتفاهات يجب أن تكون أكثر استجابة لمعاناة شعبها اليومية، لضمان بناء مستقبل أفضل وأكثر استقراراً للأجيال القادمة.