بعد سنوات من الغياب النسبي عن الأضواء، يعود رجل الأعمال والسياسي علي بلحاج إلى المشهد الوطني محمّلاً بطموحات جديدة تجمع بين عالم المال والسياسة. الرجل الذي خبر دهاليز السياسة من خلال تجربته البرلمانية ورئاسته السابقة لجهة الشرق، وأيضاً عبر حضوره داخل حزب الأصالة والمعاصرة، يبدو اليوم أكثر إصراراً على استعادة موقعه كلاعب وازن.
عودة بلحاج جاءت هذه المرة عبر بوابة الاقتصاد، حيث تم اختياره لرئاسة مجلس الأعمال المغربي البريطاني، وهو منصب يمنحه فرصة لتوسيع شبكة العلاقات الدولية وربطها بالسياق الوطني. هذا التعيين، بالإضافة إلى مكانته كرئيس لمجموعة اقتصادية كبيرة، يعكس رغبته الواضحة في أن يكون صوته مسموعاً في دوائر القرار، وأن يُمَوقع نفسه في تقاطع المصالح السياسية والاقتصادية.
ما يميز مسار بلحاج هو قدرته على الجمع بين رصيده في المقاولة وتجربته السياسية. فهو يعرف جيداً كيف تُدار المؤسسات من الداخل، ويدرك أيضاً أهمية النفوذ السياسي في توجيه الاقتصاد. هذه المزاوجة بين المجالين تمنحه أدوات للتأثير يصعب أن تتوفر لغيره من الفاعلين.
غير أن الطريق أمامه لن يكون مفروشاً بالورود. فالمشهد الحزبي يعيش دينامية متسارعة، وحزب الأصالة والمعاصرة نفسه يعرف تحولات داخلية ستجعل المنافسة على المواقع القيادية محتدمة. إلى جانب ذلك، يواجه كل رجل أعمال يدخل السياسة تحدي المحافظة على صورة نزيهة أمام الرأي العام، وتفادي أي شبهة استغلال للنفوذ أو تضارب للمصالح.
مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، يطرح اسم بلحاج ضمن لائحة الأسماء المرشحة للعب أدوار أكبر في الحكومة إذا ما وجد حزبه موقعاً داخل الأغلبية. وهو ما يجعل من المرحلة الحالية اختباراً حقيقياً لقدرة الرجل على تحويل رصيده الاقتصادي إلى قوة سياسية، وعلى تقديم نفسه كفاعل يجمع بين الخبرة والقدرة على الإنجاز.
وبين طموح الاستوزار وحلم العودة إلى الصفوف الأمامية للحزب، يظل الرهان الأكبر لعلي بلحاج هو أن يُقنع الجمهور بأن عودته ليست فقط بحثاً عن نفوذ، بل مشروع لإعادة ربط السياسة بالتنمية، ولتجسيد صورة رجل الدولة الذي يجمع بين التجربة والفعالية.
