
بلاغ للرأي العامة
الموضوع: تقديم مذكرة دفاعية حول مقتضيات مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الحالية
في إطار عملها المستمر في تعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة، تــعـلن الأمانة العامة للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة عن تقديم مذكرة دفاعية تتعلق بمسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الحالية.
تأتي هذه المذكرة في سياق حرص المنظمة على تعزيز المبادئ الأساسية للعدالة، وضمان حقوق الأفراد في إطار النظام القانوني المغربي، حيث تركزت الملاحظات والتوصيات على عدة جوانب تتعلق بالرؤية القانونية والإجراءات الواجب اتباعها في المساطر المدنية.
حيث تُعد المسطرة المدنية أحد أهم العناصر الجوهرية التي تضمن سير العدالة وحماية حقوق الأفراد في أي نظام قانوني. ومع قرار مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي، تبرز الأمانة العامة للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان والحريات العامة أهمية تقييم هذه الوثيقة من منظور حقوق الإنسان والحريات العامة.
ومن بين المبادئ التي تهدف لها الأمانة العامة في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي هي:
- مبدأ مجانية التقاضي:
حيث أن قانون المسطرة المدنية السابق كان يعتمد على مبادئ أساسية للولوج المستمر للعدالة من أهمها مبدا مجانية التقاضي، الى انه في مشروع قانو المسطرة المدنية الحالي ضرب في مقتضياته عرض الحائط لمبدأ مجانية التقاضي من خلال فرض في مجموعة من مواده لغرامات قد تعصف بحق المواطن في الولوج المستنير الى القضاء. - حيث التمسنا ونددنا بالتدخل العاجل لإلغاء تلك المقتضيات الواردة في مواد مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي المتعلقة بفرض غرامات على المواطنين إدا أثاروا دفعاتهم وحكمت بعدم القبول او رفض الطلب.
- مبدا الحق في التقاضي على درجتين:
إن من اهم الثوابت التي يجب ان تقوم عليها القوانين المسطرية الإجرائية والأنظمة القضائية من اجل تكريس محاكمة عادلة في قضايا المواطنين ومنازعاتهم التي ترفع امام القضاء ، ولعل أهمها هو مبدأ التقاضي على درجتين من خلال تمكين المتقاضين من رفع دعواهم من جديد الى المحاكم أعلا درجة باعتبارهم أكتر تجربة وأكتر عدد من إعادة نشر ونقل وتفحص موضوع النزاعات للمواطنين وتكييفها من اجل تحقيق العدالة ومطابقة الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية ، وحيث يكرس الطعن بالاستئناف الية إجرائية مسطرية تمكن المتقاضي من ضمان الطعن في الحكم الصادر ونقله لمحكمة اعلا درجة ، وعليه فإن مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي فيه نوع من تقزيم ولدور مبدا التقاضي على درجتين رغم أهمية الضمانات التي تترتب عليها. - حيث التمسنا ونددنا بإلغاء جميع مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية التي تمنع المتقاضين من الطعن بالاستئناف وعدم السماح للمتضررين من اللجوء الى المحكمة الأعلى درجة قسد عرض نزاعاتهم من جديد الإصلاح وتجاوز بعض الأخطاء التي تقع فيها اول محكمة.
- مبدا المساواة بين المتقاضين:
إن من اهم المبادئ الحقوقية والدستورية التي تضمن للمواطنين حقوقهم ومصالحهم هو مبدا المساواة وعليه فإن جميع القوانين الصادرة التي ستنضم المجتمع في مجال معين من المجالات فلابد لها ان تراعي هذا المبدأ وان تكرسه داخل مقتضياته، وبالرجوع الى المقتضيات التي تضمنتها مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية والتمعن فيها سيستشف على انها ضربت أهم مبدا من المبادئ التي جاء بها الدستور المغربي وهو مبدا المساواة في العمق، وخالفة ما يجب أن يلتزم به المشرع من إلتزام بضرورة مراعاة هذا المبدأ الحقوقي. - كما إلتمسنا ونددنا بإلغاء مقتضيات مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية التي كرست عدم المساواة بين المخاطبين بأحكامه واعتمادها على المعيار القيمي في التفريق بين المواطنين من اجل الولوج الى التقاضي وإجبارهم على أداء غرامات مالية كبيرة لا تتناسب مع أوضاعهم المالية والاجتماعية.
- كما التمسنا أيضا إلغاء مقتضيات المادة 375 من م م ق م م لكونها حصرت الاحكام القابلة للطعن في النقض تلك التي تتجاوز 80000 درهم، هذا المقتضى قد يقزم ويحرم المتقاضين من الطعن بالنقض ضد المقررات التي لا تتجاوز 80000 درهم وقد يضرب عرض الحائط مبدأ المساواة أمام القانون، وكما هم معلوم أغلب القضايا الرائجة تقل عن المبلغ المذكور.
-مبدا الامن القانوني:
بالتمعن في مقتضيات مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية في ضوء معايير الامن القانوني يمكن استخلاص ان العديد من مبادئ الأمن القانوني مختلة في كتير من مواد هذه المسودة ولعل أهمها هو الصيغة الركيكة التي سيغت بها الكثير من المواد بحيث يصعب ضبط معنا الالتزام القانوني من طرف المخاطبين بالقاعدة القانونية ويمكن ان يأسس لتطبيقات قضائية متعارضة ومتناقضة بشكل يمس أيضا بمبدأ الامن القضائي.
ولذلك فإنه من الضرورة إعادة صياغة الكثير من بنود المسودة لملائمتها مع معايير مبدا الامن القانوني، كما انه يجب وضع إطار مرجعي يعبر عن الفلسفة والاسس المعتمدة في الإصلاح القانوني الذي اطرته المسودة بما يلائم المجتمع.
كما أن م م ق م م في مادته 17 وخاصة سمح للنيابة العامة إمكانية الطعن ودون احترام للآجال أي الطعن خارج الأجال ، هذا الطعن من شأنه المساس بحجية الاحكام وافراغه من مضمونه وبالتالي قد يعصف بحجية الاحكام ويضر بمصالح المتقاضين الذين استفادوا من الحكم لصالحهم.
- حيث التمسنا إلغاء مقتضيات هذه المادة لكونها تضرب عرض الحائط بمبدأ الامن القانوني وستجعل المتقاضين يشككون في الاحكام القضائية إذا مورس الطعن خارج الآجال ودون احترام الشروط المتطلبة قانونا.
تم توجيه هذه المذكرة إلى مجموعة من المؤسسات الحكومية والهيئات المعنية بهذا الامر.
تأمل المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة أن تأخذ هذه الجهات بعين الاعتبار الملاحظات والتوصيات الواردة في المذكرة، لتحقيق تحسينات جوهرية تسهم في تعزيز دولة الحق والقانون.
تؤكد الأمانة العامة للمنظمة الوطنية عزمها المتواصل على المساهمة الفعالة في النقاش العمومي حول القضايا القانونية والحقوقية، وتسعى إلى تفعيل دورها كمنصة للحوار بين جميع الفاعلين في المجتمع. كما تدعو جميع الأطراف المعنية إلى تعاون مثمر من أجل تعزيز حماية الحقوق والحريات في بلادنا.


