بلفطمي محمد: أطمح إلى تأسيس مجزرة نموذجية ورحبة للبهائم بضواحي البيضاء وخوض غمار التبادل التجاري مع إفريقيا

kapress7 أبريل 2025آخر تحديث :
بلفطمي محمد: أطمح إلى تأسيس مجزرة نموذجية ورحبة للبهائم بضواحي البيضاء وخوض غمار التبادل التجاري مع إفريقيا

المصطفى العياش / “كابريس”

في زمن تتقاطع فيه رهانات الأمن الغذائي مع تحديات السوق والضغط المتزايد على البنية التحتية للمدن الكبرى، يبرز جيل جديد من الشباب المغاربة ممن يحملون رؤية واضحة واستشرافًا طموحًا لمستقبل القطاع الفلاحي واللحوم الحمراء، محليًا وقاريًا.
بلفطمي محمد، شاب مغربي نشأ في قلب ميدان اللحوم الحمراء، راكم تجربة طويلة في هذا المجال، وقرر اليوم أن يخطو خطوة جديدة نحو توسيع آفاقه، عبر مشروع طموح يروم التخفيف من الضغط عن مدينة الدار البيضاء، عبر إحداث مجزرة معتمدة بضواحيها، مرفوقة برحبة للبهائم، إلى جانب التوجه إلى السوق الإفريقية لاستيراد الأكباش كما يحصل مع اللحوم المستوردة من أوروبا.
في هذا الحوار الذي أجرت معه جريدة “كابريس”، يكشف بلفطمي محمد عن تفاصيل مشروعه، رؤيته للمستقبل، وطموحه في أن تواكب الدولة المغربية هذه الدينامية بدعم حقيقي ومواكبة حقيقية.

فيما يلي الحوار:

المصطفى العياش (كابريس): مرحبًا بك أستاذ بلفطمي، بدايةً، حدّثنا عن بدايتك في ميدان تجارة اللحوم الحمراء، كيف كانت الانطلاقة؟

بلفطمي: شكرًا لكم على الاستضافة. البداية كانت بسيطة جدًا، حيث انطلقت من الحرفة مع العائلة منذ الصغر. ومع مرور الوقت راكمت تجربة مهمة في السوق، سواء في ما يتعلق بالجودة أو في التعامل مع المزودين والمستهلكين. اشتغلت في أسواق متعددة، ما أتاح لي فرصة فهم التحديات الحقيقية التي يعرفها هذا القطاع عن قرب.

العياش: اليوم، أنت تُدير أكثر من عشرة نقط بيع استراتيجية. كيف تُدبّر هذا الامتداد، وما الذي يمثّله بالنسبة لك؟

بلفطمي: هذه النقاط هي ثمرة سنوات من العمل الجاد والمتابعة اليومية لنبض المستهلكين. نحاول دائمًا أن نكون قريبين من الزبون، نراقب الجودة، ونتفاعل مع المتغيرات. الامتداد الجغرافي ضروري في مدينة كبرى مثل الدار البيضاء لضمان خدمة منتظمة ومتوازنة.

العياش: علمنا أنك دخلت مؤخرًا مجال تسمين العجول. ما أهمية هذه الخطوة بالنسبة لك؟

بلفطمي: تسمين العجول خطوة استراتيجية، فهي تضمن استقلالية أكبر وتحكمًا في الجودة منذ المراحل الأولى. عندما نُشرف على جودة العلف وظروف التربية، نضمن لحومًا عالية الجودة ونُكسب ثقة المستهلك. كما نُساهم في استقرار السوق والتقليل من المضاربات.

العياش: من خلال تجربتك، ما أبرز المشاكل التي دفعتك للتفكير في إنشاء مجزرة معتمدة بضواحي الدار البيضاء؟

بلفطمي: للأسف، مدينة بحجم الدار البيضاء، ومع كثافتها السكانية، تفتقر لمجزرة حديثة معتمدة تُواكب الطلب المتزايد على اللحوم. الجزارون يواجهون ضغطًا متواصلًا، خصوصًا في المواسم، في ظل غياب بنية تحتية ملائمة. من هنا جاءت فكرة إنشاء مشروع متكامل: مجزرة حديثة مرفقة برحبة لاستقبال البهائم، تساهم في تخفيف العبء وضمان جودة وسلامة صحية عالية.

العياش: فعلاً، عدد المجازر المعتمدة بالمغرب يبقى محدودًا. كيف يؤثر هذا الوضع على جودة اللحوم وسلامة المستهلك؟

بلفطمي: من بين حوالي 800 مجزرة بالمغرب، فقط 8 منها تستوفي شروط الاعتماد والسلامة الصحية. هذا الرقم ضعيف جدًا، ويؤدي إلى مرور كميات كبيرة من اللحوم عبر قنوات غير مراقبة، مما يُهدد السلامة الغذائية. المجازر المعتمدة لم تعد ترفًا، بل أصبحت ضرورة قصوى لضمان صحة المواطن.

العياش: وماذا عن مجازر الدار البيضاء؟ تُعد من النماذج الناجحة في هذا الباب.

بلفطمي: صحيح، مجازر الدار البيضاء نموذج يحتذى به. حصلت على شواهد دولية مثل ISO 22000 وISO 9001، إضافة إلى شهادة “حلال”. هذا يدل على التزامها الصارم بمعايير الجودة في الذبح، التخزين، والتوزيع. ما نحتاجه اليوم هو تعميم هذه التجربة على باقي المدن.

العياش: كيف يمكن تكرار التجربة في ضواحي البيضاء أو في مدن أخرى؟

بلفطمي: الأمر يتطلب أولًا بنية تحتية مناسبة، وتكوينًا مهنيًا للفاعلين في المجال. كما أن دعم الدولة ضروري جدًا، سواء عبر التمويل أو التسهيلات الإدارية. التجارب الناجحة موجودة، والمطلوب فقط تكييفها مع خصوصيات كل منطقة.

العياش: الطموح واضح في مسارك، لكن إلى جانب البنية التحتية، ماذا عن الطموح التجاري خارج المغرب؟ حدثنا عن انفتاحك على السوق الإفريقية.

بلفطمي: هناك أسواق إفريقية غنية بسلالات ممتازة من الأكباش، وبأثمنة تنافسية. لماذا لا ننفتح عليها؟ كما نستورد اليوم من أوروبا، يمكننا أن نطور شراكات جنوبًا، تُساهم في تنويع العرض الوطني، وتُتيح فرص عمل ونقل خبرات.

العياش: من خلال تجربتك، كيف ترى موقع الشباب المغربي داخل هذا القطاع؟ وهل هناك وعي جديد بأهميته؟

بلفطمي: نعم، هناك وعي متزايد، خصوصًا بعد الأزمات الأخيرة التي أظهرت أن الأمن الغذائي لا يقل أهمية عن الطاقة أو الماء. الشباب أصبح أكثر جرأة، لكنهم يحتاجون إلى بيئة حاضنة، فيها الثقة، التكوين، والدعم.

العياش: ما الذي تطلبه اليوم من الدولة المغربية لدعم هذا النوع من المبادرات؟

بلفطمي: نطلب أولًا المواكبة الحقيقية، وتبسيط المساطر الإدارية، إلى جانب دعم البنية التحتية. الاستثمار في اللحوم الحمراء ليس فقط تجارة، بل جزء من الأمن الغذائي الوطني. إذا وفرت الدولة مجازر معتمدة، معامل تبريد، ومختبرات مراقبة، سنصل للاكتفاء الذاتي، بل وقد نصبح مصدرين. إضافةً إلى ذلك، يجب أن يكون الدعم المستمر للفلاحين في العالم القروي جزءًا من هذه الرؤية. إذا تم تقديم الدعم للفلاح البسيط، سواء من خلال تمويل مشاريع صغيرة أو تدريب على تقنيات حديثة، فسيتمكن من إنتاج لحوم محلية عالية الجودة بتكلفة أقل، مما يساهم في تخفيض أسعار اللحوم. هدفنا هو الوصول إلى سعر 60 درهمًا للحم المحلي، مما سيكون له تأثير إيجابي على استقرار السوق المحلي ويعزز من الأمن الغذائي.

العياش: كلمة أخيرة للقراء، ولمن يُفكر في خوض تجربة مماثلة؟

بلفطمي: أقول للشباب: آمنوا بأفكاركم، وخذوا المخاطر المحسوبة. بلدنا يتغير، والتحديات كبيرة، لكن الفرص أكبر. نحتاج فقط إلى ثقة الدولة ودعم المجتمع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة