تارودانت/جماعة الكدية البيضاء : دوار الكريعة… العطش والتهميش المزمن في ظل تمثيلية مغيبة

kapress19 يوليو 2025آخر تحديث :
تارودانت/جماعة الكدية البيضاء : دوار الكريعة… العطش والتهميش المزمن في ظل تمثيلية مغيبة

في قلب جماعة الكدية البيضاء بدائرة أولاد تايمة، إقليم تارودانت، يعيش دوار الكريعة على هامش الزمن التنموي، ويكابد في صمت يومي قسوة العطش، والحرمان من أبسط شروط الكرامة الإنسانية. هذا الدوار، الذي يشكل امتدادًا عائليًا واجتماعيًا لأسر فقيرة، مع وجود قلة من المهاجرين المستقرين، ما يزال غارقًا في وضع لا يليق لا بمكانته الجغرافية، ولا بمواطنيه الذين اختاروا التعايش مع شظف العيش… إلى حين.

البئر الشحيح وإدارة الماء في الظلام

منذ أشهر، تعاني الساكنة من الانقطاع المفاجئ والمتكرر للماء الصالح للشرب، دون سابق إنذار، في ظل تسيير جمعوي يفتقد لأبسط مقومات الشفافية. الجمعية المكلفة بتدبير هذا المورد الحيوي تشتغل دون تقارير مالية أو أدبية، ما يطرح علامات استفهام مشروعة حول طبيعة هذا التدبير، ومآل المساهمات التي تؤديها الساكنة بانتظام، دون أن يقابلها أي تحسين في جودة أو انتظام الخدمة.

الساكنة، التي تتفادى الاصطدام المباشر، اختارت الصبر والاحتساب، لكنها اليوم بدأت ترفع صوتها، مطالبة بتدخل الجهات المعنية لفرض قواعد الشفافية، وتفعيل مبدأ المحاسبة في تسيير هذا المرفق الحيوي.

العضو الجماعي… حضور شكلي وغياب جوهري

مما يزيد الطين بلة، أن الممثل الجماعي لهذا الدوار لا يملك لا الجرأة السياسية ولا الكفاءة التواصلية التي تخول له الدفاع عن مصالح الساكنة. وبدل أن يكون صوته مسموعًا في الجماعة، اختار الصمت والانزواء، منشغلاً بمصالح ضيقة، بعيدة كل البعد عن حاجيات الناس.

المفارقة المؤلمة أن هذا العضو، الذي يُفترض أنه “ابن الدوار”، استغل ضعف وعي الساكنة وأميتهم، بل إن وضعه المعرفي المتواضع ساهم بدوره في تكريس واقع التخلف، بدل أن يكون عنصر وعي ونهوض. لم يُبادر بالدفع نحو حفر بئر جديد، ولا بتعميق البئر القائم، ولا حتى بالدفاع عن مطلب واضح: تأمين الماء في مناخ حارّ وجاف.

دوار في قائمة الانتظار… إلى متى؟

في الوقت الذي تعرف فيه عدد من الجماعات الترابية مشاريع تنموية مهيكلة، وبرامج وطنية تهدف إلى تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، ما يزال دوار الكريعة خارج التغطية، يتأمل من بعيد حركة الأوراش، ويتساءل بمرارة: هل ما نسمعه من وعود وشعارات، يشملنا نحن أيضًا؟ أم أن من لا صوت له، لا نصيب له؟

الحق في الماء أولًا… والكرامة لا تُجزّأ

إن ما تعيشه ساكنة دوار الكريعة ليس فقط وضعًا تنمويًا متعثرًا، بل هو حيف حقوقي صريح، ومخالفة لروح الدستور الذي يقرّ بالحق في الماء، والحق في العيش الكريم، والحق في محاسبة كل من يعبث بالشأن العام، سواء من داخل المؤسسات أو عبر جمعيات الوساطة.

وهنا، يصبح لزامًا على السلطات المحلية، والمصالح الإقليمية، وممثلي السلطة الترابية، أن يتحركوا بشكل فوري لتقييم هذا الوضع، وفتح تحقيق حول طريقة تدبير الماء، ومسؤولية العضو الجماعي، وإعادة الاعتبار لسكان اختاروا الصبر كثيرًا، لكنهم اليوم يقولون كفى.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة