تصاعد الاعتداءات على رجال السلطة: النيابة العامة تتحرك لرد الاعتبار لهيبة الدولة

kapress19 يونيو 2025آخر تحديث :
تصاعد الاعتداءات على رجال السلطة: النيابة العامة تتحرك لرد الاعتبار لهيبة الدولة

من إعداد: المصطفى العياش/خالد بدري

في سياق مقلق يعكس تصاعد السلوك العدواني ضد ممثلي الدولة في الميدان، جاء التحرك الأخير لرئاسة النيابة العامة المغربية كرسالة حازمة مفادها أن هيبة السلطة وسلامة الموظفين العموميين خط أحمر لا يمكن التساهل فيه. الدورية المستعجلة التي عمّمها رئيس النيابة العامة على مختلف محاكم المملكة، جاءت بعد حادث الاعتداء العنيف على قائد بمدينة سلا، والذي خلف موجة استياء عارمة في أوساط الرأي العام، وأعاد إلى الواجهة سؤال احترام سلطة القانون وحماية رجاله.

من حادث معزول إلى ظاهرة مقلقة

قد يرى البعض في الاعتداءات على أعوان السلطة حوادث متفرقة، غير أن تكرارها في الآونة الأخيرة، وتنوع أشكالها وأماكن وقوعها، يؤشر على تطور مقلق، ربما يكون نتيجة تراكمات اجتماعية ونفسية، أو اختلالات في منظومة الردع. ما أصبح مؤكداً هو أن الاعتداء على رجل سلطة لم يعد مجرد جنحة عابرة، بل يحمل في طياته دلالات أخطر، ترتبط بضعف احترام رموز الدولة، وبتنامي مناخ عام من التوتر بين الإدارة والمواطن، خصوصاً في فضاءات الهشاشة الاجتماعية.

قراءة قانونية في مضامين الدورية

الدورية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة جاءت مشبعة بالدقة القانونية والموقف الصارم، إذ أكدت على ضرورة التعاطي الصارم مع كل حالة اعتداء، مع تفعيل فصول القانون الجنائي التي تمنح حماية خاصة للموظفين أثناء أو بسبب مزاولتهم لمهامهم. ويتعلق الأمر بفصول تجرّم الإهانة، التهديد، استعمال العنف، أو إحداث جروح أو إصابات، وتُشدد العقوبات في حال وجود ظروف مشددة مثل حالة العود، أو إذا تم الاعتداء تحت تأثير مخدرات، أو بواسطة سلاح.

ويُمكن أن نقرأ في هذه التعليمات إشارة إلى تجويد التكييف القانوني والصرامة في المحاكمة، خاصة وأن بعض الحالات كانت تُقابل في السابق بتوصيف جنحي بسيط، لا يرقى لحجم الخطر الذي تمثله هذه الاعتداءات على النظام العام والثقة في مؤسسات الدولة.

البعد الأمني والرمزي للقرار

يُعد رجل السلطة – خصوصاً من فئة القياد وأعوانهم – الحلقة الميدانية الأولى في تنزيل السياسات العمومية وتنفيذ قرارات الدولة على الأرض، سواء في ما يتعلق بالبناء والتعمير، ضبط الأسواق، أو محاربة الفوضى والعشوائيات. وبالتالي فإن الاعتداء عليهم لا يستهدف فقط شخصهم، بل يُعتبر في جوهره طعناً في سلطة الدولة ذاتها. من هنا، فإن تحرك النيابة العامة لا يحمل فقط بعداً قضائياً، بل رسالة رمزية لإعادة الاعتبار لمفهوم “هيبة القانون”.

أفق المواكبة: هل من مقاربة شاملة؟

التحرك القضائي مهم، لكنه يظل جزءاً من منظومة أوسع. فالمطلوب اليوم، حسب عدد من المتتبعين، هو إطلاق ورش تواصلي يشرح للرأي العام مهام رجال السلطة، ويعيد الثقة بين المواطن والإدارة، خاصة في الأحياء التي تعاني الهشاشة والحرمان، والتي غالباً ما تكون مسرحاً لمثل هذه الاعتداءات.

كما أن الإعلام الوطني مدعو للقيام بدوره في تأطير النقاش حول مكانة ممثلي الدولة في المجتمع، وتوضيح أن احترامهم ليس مسألة ولاء، بل شرط جوهري لقيام دولة القانون والمؤسسات.

توجيهات رئاسة النيابة العامة تعكس وعياً مؤسساتياً متزايداً بخطورة الاعتداءات على رجال الدولة، وتسعى إلى تكريس قطيعة مع منطق التساهل أو التغاضي، حماية للسلم المجتمعي، ودعماً لهيبة القانون. غير أن تحقيق هذا الهدف يقتضي عملاً تشاركياً، تتداخل فيه الأبعاد الأمنية، القضائية، التربوية، والإعلامية، في أفق إعادة بناء علاقة سليمة بين السلطة والمجتمع، قوامها الاحترام المتبادل، والمسؤولية المشتركة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة