برنامج التخييم الوطني 2025.. طموحات كبيرة لتكريس القيم وتنمية الطفولة
تتجه الأنظار خلال صيف 2025 نحو النسخة الجديدة من برنامج التخييم الوطني، الذي يشرف عليه قطاع الشباب ويُعد أحد أبرز المحطات التربوية الموجهة للأطفال واليافعين، وذلك في ظل طموحات معلنة تروم الارتقاء بجودة التخييم وتعزيز أدواره في ترسيخ قيم المواطنة والانفتاح والتربية على العيش المشترك.
وفي تصريح لجريدة ليبيراسيون الناطقة بالفرنسية، أكد محمد أكلوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، أن مخيمات العطلة الصيفية تشكل “مختبراً تربوياً مفتوحاً”، يمنح الأطفال واليافعين فضاءً ملائماً للتفاعل الاجتماعي واكتشاف الذات والتعبير الحر، إلى جانب كونها مناسبة لتعزيز قيم التضامن والتسامح والاندماج داخل مجتمع متنوع.
وأوضح أكلوين أن هذه التجربة التخييمية لا تقتصر على مجرد أنشطة ترفيهية، بل تنبني على مشروع تربوي ومجتمعي متكامل، يعتبر الطفولة حقاً أساسياً والشباب ركيزة استراتيجية في معادلة التنمية. كما شدّد على ضرورة أن تكون كل لحظة داخل المخيم فرصة لترسيخ القيم والمعاني، وفق مقاربة تحرص على تنمية الشخصية وتمكين الأطفال من أدوات الفهم والنقد والتعبير.

وأشار رئيس الجامعة إلى أن نسخة 2025 لا تركز فقط على الجوانب التنظيمية واللوجيستيكية، بل تسعى إلى إعطاء المخيمات طابعاً استثنائياً، من خلال إعادة تأويل المضامين التربوية وتكييفها مع التحولات المجتمعية والثقافية واللغوية والتكنولوجية الراهنة.
ويأتي هذا التوجه في سياق عام يشهد تجديد الرؤية الوطنية حول قضايا الطفولة والشباب، ومحاولة ترسيخ هوية وطنية قادرة على الانفتاح، والرهان على التربية غير النظامية كرافعة لبناء شخصية متوازنة، وتفجير الطاقات الإبداعية لدى الجيل الصاعد.
وبينما تتهيأ المخيمات الصيفية لاستقبال عشرات الآلاف من الأطفال، تظل الرهانات المرتبطة بتجويد التأطير، وتوسيع قاعدة المستفيدين، وإدماج مقاربات تربوية مبتكرة، من الأولويات التي تراهن عليها الجهات المنظمة، لضمان تخييم نوعي يرقى لتطلعات الأسر والمؤسسات والفاعلين التربويين.
تصريحات محمد أكلوين لجريدة “ليبيراسيون” ترفع سقف التخييم الوطني
في تصريح حصري لجريدة ليبيراسيون، بيّن محمد أكلوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، أن المخيمات الصيفية تمثل “مختبراً تربوياً مفتوحاً” لا يقتصر دوره على توفير أوقات ترفيهية للأطفال واليافعين، بل هو فضاء متكامل يُعنى بتنمية الشخصية وبناء المواطنة الفاعلة. وأكد أن المخيم ليس مجرد مكان للعب والاستجمام، بل تجربة حياتية تُحفّز على التعبير الحر، وتعزز قيم التضامن والتسامح، والعيش المشترك داخل مجتمع يتسم بالتنوع.
وأوضح أكلوين أن برنامج موسم 2025 يتبنى رؤية تربوية عميقة، تستند إلى مقاربة شمولية تُراعي الخصوصيات الجهوية والثقافية للأطفال المستفيدين، وتحاول الدمج بين الجوانب الترفيهية والتربوية والتنموية، من خلال تأطير مؤهل وبرامج مدروسة تهدف إلى تمكين الأطفال من مهارات التفكير النقدي والابتكار، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين.

كما أشار إلى أن الموسم الجديد لا يركز فقط على الجوانب التنظيمية واللوجيستيكية، مثل توفير البنيات التحتية الجيدة والوجبات الصحية، بل يطمح إلى تحويل المخيمات إلى فضاءات تربوية حية تواكب التحولات المجتمعية والتكنولوجية، فتستخدم أدوات تعليمية حديثة وتتبنى تقنيات تفاعلية، من أجل ربط الأطفال بالعالم الرقمي والمعرفي بطريقة مدروسة وآمنة.
وشدّد أكلوين على أهمية العمل التشاركي بين جميع الفاعلين، من جمعيات، ومؤسسات عمومية وخاصة، ومجتمع مدني، من أجل توفير تجربة تخييم نوعية، تُحترم فيها كرامة الطفل، ويُعاد النظر في طرق التأطير، مع التركيز على تكوين المؤطرين وتأهيلهم، ليكونوا قادرين على التواصل مع الأطفال بفعالية وتحفيزهم على المشاركة الإيجابية.
وأكد رئيس الجامعة الوطنية للتخييم أن الموسم 2025 يحمل آمالًا كبيرة لإحداث قفزة نوعية في جودة التخييم، ليس فقط من خلال زيادة عدد المستفيدين، ولكن عبر تحقيق أثر فعلي ومستدام في حياة الأطفال، بحيث تتحول تجربة التخييم إلى مدرسة ثانية تشكل جيلًا واعيًا وقادرًا على مواجهة تحديات المستقبل.
من الكحص إلى أكلوين.. خيط غير مرئي يربط الرؤية بالاستمرارية
ويكتسي تصريح محمد أكلوين لجريدة ليبيراسيون دلالة رمزية خاصة، لا فقط لمضمونه التربوي الطموح، بل أيضًا لسياق النشر نفسه. فالجريدة التي نشرت هذا التصريح سبق أن أدارها الوزير الاتحادي الأسبق محمد الكحص، أحد أبرز من بصموا مرحلة فارقة في تاريخ التخييم، خصوصًا حين تولّى حقيبة وزارة الشباب ما بين 2002 و2007.
الكحص، المعروف بخلفيته الفكرية التقدمية، كان من أوائل من دعوا إلى تحويل المخيم إلى مدرسة غير نظامية، تنتج القيم، وتصنع الوعي، وتربّي على الاختلاف والتسامح. وقد سعى من موقعه الحكومي إلى دمج المخيم ضمن السياسات العمومية الموجهة للطفولة، وربطه بالورش الوطني للتنمية البشرية.
واليوم، وبعد عقدين تقريبًا، تعود تلك الروح في خطاب أكلوين، ولكن هذه المرة من موقع مدني، قائم على التراكم، والانفتاح، والعمل التشاركي، وهو ما يمنح موسم 2025 بعدًا خاصًا، يربط بين الدولة والمجتمع، وبين التخطيط والمبادرة.
تلاقي الرؤى بين أكلوين والكحص: رهانات مستمرة على الجودة والإنصاف
يبقى نجاح موسم التخييم الوطني 2025 مرتبطًا بشكل وثيق بإرادة حقيقية على مستوى جميع الفاعلين، قادرة على تجاوز الخطابات إلى واقع ملموس، من خلال تنفيذ برامج عملية وشفافة تواكب الطموحات المعلنة. في هذا الإطار، يرمز محمد أكلوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، إلى مرحلة جديدة في تدبير هذا القطاع، تتميز بالانفتاح والتجديد والتشاركية، مستندًا إلى خبرة طويلة في المجتمع المدني وفهم عميق لتحديات الطفولة الحديثة.

ويجدر التذكير بأن الوزير الاتحادي الأسبق محمد الكحص، الذي شغل حقيبة الشباب بين 2002 و2007، كان من المؤسسين الأوائل لمنظومة التخييم التربوي على مستوى الدولة، حيث أسس لبنية تحتية ومشروعًا طموحًا هدفه جعل المخيمات مدارس للقيم والوعي والتربية على الاختلاف. واليوم، يواصل أكلوين هذا الإرث، لكنه يثريه برؤية جديدة ترتكز على إشراك المجتمع المدني بشكل أكبر، وتفعيل دور التطوع والتأطير التربوي بشكل متقدم.
هذا التلاقي بين خبرة المسؤول الحكومي وعمق الفاعل المدني يخلق مشهداً تخييمياً متعدد الأبعاد، قادر على مواكبة تطلعات الطفولة المغربية في عصر التحولات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية المتسارعة. غير أن الرهان الأكبر يكمن في القدرة على تحويل هذه الرؤية إلى ممارسة فعلية على الأرض، من خلال رفع جودة الخدمات التخييمية، وضمان الإنصاف في الاستفادة، وتعزيز قدرات المؤطرين، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة.
إن تحقيق هذا الرهان يعني إعادة بناء ثقة الأسر والمؤسسات في برامج التخييم، وتحويلها إلى فضاء للفرح والابتكار والتعلم، يُسهم في تكوين أجيال قادرة على تحمل مسؤوليات المستقبل، والاندماج الفاعل في المجتمع، ملتزمة بقيم الانتماء والتسامح.

سكرتير تحرير جريدة “كابريس”
الدار البيضاء، يوليوز 2025