تونس تحت المجهر: قيس سعيّد يعيد إنتاج ممارسات الماضي ويهدد استقرار المنطقة

kapressمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
تونس تحت المجهر: قيس سعيّد يعيد إنتاج ممارسات الماضي ويهدد استقرار المنطقة

بقلم: المصطفى العياش

تعيش تونس اليوم على إيقاع مشهد سياسي مضطرب، حيث تتصاعد الاحتجاجات الشعبية التي ترفض سياسات الرئيس قيس سعيّد، والذي اختار أن يسير في طريق التسلط والانفراد بالقرار، مما يعيد إلى الأذهان ممارسات الماضي القريب، لا سيما عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بنعلي.
على الرغم من شعاراته التي ترفع راية الشعب والديمقراطية، فإن سعيّد لا يقدم أي قطيعة حقيقية مع الممارسات الاستبدادية، بل يعيد إنتاجها بشكل جديد، وهو ما يثير قلقًا واسعًا داخل البلاد وخارجها.

في الداخل التونسي، يعبر الشارع بوضوح عن رفضه للسياسات التي تهدد المكاسب الديمقراطية التي حققتها الثورة التونسية في 2011. فالتصعيد المستمر للاحتجاجات يعكس حالة من الإحباط العميق لدى فئات واسعة من الشعب التونسي، الذي يرى في قرارات الرئيس تهديدًا لمستقبل الديمقراطية واستقلال المؤسسات.

لكن ما يزيد الأمور تعقيدًا هو التصعيد الخارجي، حيث تزايدت الدعوات الدولية من مختلف الأطراف إلى احترام الحقوق والحريات، وتجنب العودة إلى الأطر الاستبدادية التي كان لها الأثر المدمر على العديد من الأنظمة العربية. في هذا السياق، تتوالى التحذيرات من أن استمرار الوضع الحالي قد يقود البلاد إلى أزمة سياسية خانقة، قد يصعب معها العودة إلى الاستقرار.

وبجانب التوترات الداخلية، يساهم الرئيس سعيّد في إشعال الفتن الإقليمية من خلال مواقفه المستفزة التي تعمق الانقسامات في منطقة المغرب العربي. وأبرز مثال على ذلك استقباله إبراهيم غالي، زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية، خلال مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا سنة 2022، وهو ما شكل ضربة للعلاقات المغربية التونسية وأضعف من فرص التعاون بين دول المنطقة في وقت كان الجميع فيه بحاجة إلى تعزيز التكامل المغاربي.

تونس اليوم في مفترق طرق، ويحتاج مستقبلها إلى قيادة حكيمة قادرة على إيجاد حلول واقعية للأزمات المتراكمة، بعيدًا عن سياسات الإقصاء والمغامرة. إن الفرصة ما زالت سانحة لتصحيح المسار واستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية تعمل على تعزيز الديمقراطية، وضمان الحقوق والحريات، في إطار من الوحدة والتضامن بين جميع أطياف الشعب.

في ظل هذه التحديات، لا يبدو أن الرئيس سعيّد قد أدرك بعد أن الشعب التونسي، الذي قدم تضحيات كبيرة من أجل الحرية والكرامة، لن يقبل بأن تُسرق منه هذه المكتسبات تحت أي ذريعة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة