منير نافيع/كابريس
بينما يرفع المغرب سقف الطموحات الرياضية بتنظيم كأس إفريقيا للأمم 2025 واستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تزداد الساحة الاجتماعية تعقيدا بظاهرة التسول المتفشية في شوارع مدنه الكبرى. تلك الظاهرة التي تهدد بتشويه الصورة التي تسعى المملكة إلى تقديمها للعالم، تضع حكومة عزيز أخنوش أمام محك حقيقي في تسييرها لملفات اجتماعية قد تؤثر على نجاح المشاريع الوطنية الكبرى.
في شوارع الرباط، الدار البيضاء، مراكش، طنجة، فاس، أكادير،وغيرها من المدن المغربية، تتكرر مشاهد التسول يوميا، ليكون السؤال الأبرز: كيف يمكن للحكومة أن تحافظ على صورتها أمام العالم بينما تظهر هذه الظواهر في أبرز مدنها؟ أطفال يصطفون على الأرصفة، نساء يطلبن المساعدة حاملات لأطفالهن، وشيوخ يبحثون عن لقمة عيشهم. ليس هذا فحسب، بل ظهرت ظاهرة “التسول الاحترافي”، حيث تستغل شبكات إجرامية أو أسر فردية مشاعر المواطنين لتحقيق مكاسب مادية غير مشروعة.

لا يمكن لحكومة أخنوش، التي تروج لخططها الاقتصادية والتنموية، أن تواصل تجاهل هذه الظواهر. بينما توجه مليارات الدراهم لتطوير البنية التحتية الرياضية، يبقى السؤال الملح: أين تذهب هذه الأموال عندما يتعلق الأمر بتحقيق العدالة الاجتماعية في واقع المواطنين الذين يعانون من الفقر والهشاشة؟ إذا كانت الحكومة تسعى لاستقبال ملايين المشجعين والمستثمرين، فينبغي أن تكون هناك استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفقر ومعالجة الأسباب الجذرية للتسول.
الحكومة، التي طالما أكدت على أهمية التنمية المستدامة والمساواة الاجتماعية، تواجه اختبارا حقيقيا في قدرتها على الجمع بين الطموحات الرياضية والتنمية الاجتماعية. الواقع يظهر أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب أكثر من مجرد برامج ترويجية أو حلول ترقيعية، بل يستدعي إرادة سياسية حقيقية تتجسد في استراتيجيات طويلة الأمد لمكافحة الفقر، تعزيز مشاريع مدرة للدخل، وإطلاق برامج توعية تساهم في إشراك المجتمع المدني.
كما أن وجود الأطفال في الشوارع من دون تعليم، وهو ما يشكل جرحا عميقا في جسد المجتمع، يتطلب من حكومة أخنوش اتخاذ إجراءات حاسمة لتوفير بدائل اجتماعية واقتصادية للمتضررين، خصوصا الأسر التي تقع تحت وطأة الفقر المدقع. لن تكون هذه الحكومة قادرة على النهوض بمكانة المغرب الدولية إذا لم تضع في أولوياتها معالجة الملفات الاجتماعية التي تؤرق مواطنيها.
إن غياب حلول شاملة في هذا المجال يشكل تهديدا للصورة التي يسعى المغرب لتقديمها في ظل استعداده لاحتضان البطولات الرياضية الكبرى. في الوقت الذي يرفع فيه شعار “المغرب الرياضي”، ينبغي أن يُظهر هذا البلد أيضا قدرته على تحقيق التنمية الاجتماعية وتحسين أوضاع مواطنيه بشكل يليق بتاريخه وطموحاته.

في هذا السياق، يظهر أن حكومة أخنوش أمام اختبار مصيري: فهل تستطيع أن تحقق التوازن بين المشاريع الرياضية الضخمة والعدالة الاجتماعية؟ من خلال معالجة مشكلات مثل التسول والفقر، يمكن للحكومة أن تبرهن على قدرتها في تقديم نموذج تنموي حقيقي، يتجاوز الواجهة الرياضية ليشمل تحسين حياة المواطنين في شتى المجالات.