بقلم: منير نافيع
حين تتحول القضية الفلسطينية إلى غطاء لتمرير أجندات تسيء إلى المغرب، فاعلم أننا لم نعد في ساحة النضال، بل في ملعب التضليل والتخريب. وعندما ينضم بعض أبنائنا، عن حسن نية أو عن سابق إصرار، إلى حملات مشبوهة تمس برموز الدولة وتستهدف استقرار البلاد، فقد صار لزاما علينا أن نعاتب بوضوح… وأن نحاسب بصرامة.
ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة، ليس مجرد تفاعل شعبي مع مآسي غزة، بل حملة منهجية ركبت موجة التعاطف لتنفث سمها في جسد الوطن. حملات ظاهرها الغيرة على فلسطين، وباطنها تصفية حسابات مع الدولة، تشكيك في مؤسساتها، وتهجم فج على خياراتها السيادية.
والمؤلم أن بعض المواطنين – عن اندفاع أو غفلة – انخرطوا في هذا التجييش العاطفي الذي تقوده “أبواق مأجورة” لا مصلحة لها في فلسطين، بل في تفكيك المغرب من الداخل، خدمة لأطراف خارجية لا تخفي عداءها لوحدتنا الترابية واستقرارنا السياسي.
إلى هؤلاء نقول: لسنا ضد التعبير، ولسنا ضد دعم فلسطين، بل نحن من أبنائها الأوفياء، ولكن لا نقبل أبدا أن تستعمل فلسطين مطية للطعن في الوطن. لا نقبل أن تحول مشاعر التعاطف إلى سلاح يشهر في وجه مؤسسات الدولة، ولا أن تتحول المسيرات النبيلة إلى منصات لشتم المغرب وتحريف بوصلة الغضب.
لقد حان الوقت للمساءلة. كفى صمتا عن التجاوزات. من يختار الاصطفاف مع خصوم الوطن، عليه أن يتحمل تبعات مواقفه. حرية التعبير لا تعني حرية التخريب، ولا يمكن أن نحمي الوطن ونجامل من يتربص به في الوقت ذاته.
وعلى الشعب المغربي، شعب الذكاء والوفاء، أن يكون واعيا بخطورة هذه الموجات التي تحاول خلط الأوراق. فلسطين قضيتنا، نعم، ولكن المغرب وطننا، وأي محاولة لإسقاط أحدهما عبر الآخر هي خيانة مزدوجة.
لسنا في حاجة إلى شعارات جوفاء، بل إلى مواقف مسؤولة. لسنا في حاجة إلى مهرجانات تهييج، بل إلى وعي جماعي يحصن الوطن ويحمي مشاعره من الاختطاف.
فلسطين لا تنصر بإسقاط الأوطان.
والمغرب لا يقبل أن يكون ضحية نضال زائف.
ومن استغل العاطفة لضرب الدولة… آن أوان محاسبته.