منير نافيع/كابريس
لم تكن استقالة المدرب الشرقاوي البداوي من العارضة الفنية لفريق أمل سوق السبت حدثا عاديا في سياق رياضي عادي. إنها لحظة فارقة، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك حجم التداخل السلبي بين ما هو تقني وما هو تسييري، وتسلط الضوء على واقع يؤسف له تعيشه الرياضة المحلية: التدخل في العمل الفني، وتهميش الكفاءات، وقتل الطموح بروح غير رياضية.
البداوي، المعروف لدى متتبعي الكرة في سوق السبت بأخلاقه العالية وانضباطه المهني، لم يخرج عن صمته إلا بعد أن بلغ السيل الزبى. ضغوط وتدخلات من طرف “الفاعل القوي” داخل المكتب المسير دفعت الرجل للانسحاب في توقيت حساس، وقبل مباراة مصيرية ضد اتحاد الملولي بأكادير، وهي مواجهة تحدد مصير الفريق في القسم الوطني الأول للهواة.
ورغم كل ذلك، أبى المدرب المستقيل إلا أن يؤكد دعمه الكامل للاعبين، داعيا إياهم إلى تقديم أفضل ما لديهم في اللقاء الحاسم. موقف نبيل يعكس معدن الرجل، ويُظهر أن ما جرى لم يكن خلافاً فنيا أو نكسة رياضية، بل نتيجة لبيئة تفتقد لأبسط قواعد التسيير الاحترافي والاحترام المتبادل.
إن نادي أمل سوق السبت، وهو نادٍ له تاريخ وقاعدة جماهيرية عريضة، يستحق أكثر من مجرد اجتهادات فردية وتدخلات تعرقل العمل الميداني. كيف لفريق يُراهن على الصعود أن يعيش وسط صراعات داخلية، وبنية تحتية مهترئة، وتسيير يفتقر للشفافية والاستقرار؟ وكيف يمكن بناء مشروع رياضي حقيقي دون حماية الإطار التقني ومنحه هامشا حقيقيا للإبداع والقرار؟
من المؤسف أن تستمر مظاهر التهميش داخل الفريق، ليس فقط تجاه المدربين، بل حتى في حق اللاعبين المحليين الذين لا يجدون من ينصفهم أو يمنحهم الفرصة لإبراز مواهبهم. فهل نحن أمام نادٍ يسعى للتكوين والتألق، أم مجرد فضاء تتقاسمه المصالح والحسابات الضيقة؟
إن الكرة اليوم في ملعب المكتب المسير. فالجماهير لا تطالب بالمستحيل، بل فقط بحقها في نادٍ يدار بروح رياضية، لا بروح السيطرة. مدرب مثل البداوي لا يُفرّط فيه، بل يُحتضن ويوفر له مناخ النجاح. وما حدث يجب أن يكون فرصة للمراجعة والتصحيح، لا محطة إضافية في مسار الإخفاق.
وفي انتظار الحوار المرتقب مع المدرب الشرقاوي البداوي، يبقى السؤال معلقا: متى يعود صوت العقل إلى دهاليز التسيير الرياضي؟ ومتى تعطى الأولوية لمصلحة الفريق على حساب المصالح الشخصية؟
