من إعداد: المصطفى العياش
سكرتير تحرير جريدة “كابريس”
في تصريح مثير للجدل، خرج محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار والمنسق الجهوي للحزب بجهة الشرق، ليقول خلال لقاء جهوي بالناظور إنّ فوز الحزب في الانتخابات المقبلة يُعدّ “في مصلحة المواطنين” واستمرار الإصلاحات، بينما “توقف هذه الإصلاحات كارثة وطنية” .
تصريح لا يمكن عزله عن السياق العام، خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 27 لعيد العرش، والذي حمل توجيهات واضحة للفاعلين السياسيين، ودعوة صريحة لوزير الداخلية لعقد لقاءات مع جميع الفرقاء السياسيين، بمن فيهم الأحزاب ذات التمثيلية المحدودة، لضمان مناخ سياسي مسؤول، يقوم على الإنصات والتفاعل البناء.
هل يُعقل، في ظل هذه الدعوة الملكية الواضحة إلى الانفتاح، أن يصدر كلام يوحي بأن التغيير سيكون “كارثة”؟ هل يعتبر التداول تهديدًا للاستقرار؟
تصريح أوجار يطرح أكثر من علامة استفهام؛ فهو يحوّل المنطق من الدفاع عن حصيلة سياسية إلى لغة تخوّف تُربط مصير الوطن بحزب بعينه، وكأن الدولة تختزل في حزب، والحزب في جهة، والجهة في شخص.
ومن هنا ينبثق السؤال السياسي المحوري:
من يملك صلاحية الحكم على نتائج تجربة سياسية؟ أليس المواطن عبر صناديق الاقتراع؟
في ضوء التوجيه الملكي الذي شدّد على ضرورة الاستماع إلى الجميع والعمل بمنطق الشراكة لا الهيمنة، يبدو أن ما قاله أوجار ينقض روح هذا السياق الوطني، ونبرة الخطاب الملكي التي تدعو إلى توسيع الحوار الجماعي وتقييم التجارب دون تضخيمها أو تجميدها.
الخطاب الملكي لم يلوّح بـ”كارثة” إذا تغيّرت التوازنات، بل دعا إلى تحمّل المسؤولية الجماعية، وتجديد الثقة في السياسة عبر الانفتاح وتفكيك أي هيمنة مسبقة.
أما الإدراك الخطير فلا يكمن في التداول أو التناوب، بل في تحويل السياسة إلى امتياز مغلق، لا يقبل التعدد ولا يحترم اختلاف الرؤى.
جلالة الملك محمد السادس يفتح أبواب الحوار… فهل يجرؤ السياسيون على التواضع؟
جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش، وضع الأسس لتجديد العمل السياسي بروح وطنية راقية، ترتكز على التعدد، والإنصات، والاعتراف بأن إرادة المواطِن هي الحاكم الأسمى.
من واجب الفاعلين اليوم أن يدركوا أن زمن احتكار القرار أو تخويف التغيير قد ولى. وإن من يربط مستقبل الوطن ببقاء حزبه في الحكم، يعزل نفسه عن دستور المملكة، وينحرف عن روح خطاب العرش، وطموحات المواطنين.
الرسالة الملكية واضحة:
الاستقرار لا يُبنَى على التخويف من التداول، بل على تقوية المؤسسات، واحترام إرادة المواطن، وإفساح المجال أمام الكفاءات مهما كان لونها أو موقعها.