عندما يتحول “الأستاذ” الجامعي من البحث العلمي إلى مجرد “فراقشي” يبيع ويشتري في الشواهد والدرجات!

kapress15 مايو 2025آخر تحديث :
عندما يتحول “الأستاذ” الجامعي من البحث العلمي إلى مجرد “فراقشي” يبيع ويشتري في الشواهد والدرجات!

إبراهيم بن مدان: كاتب صحفي

ذات مرة نطق المفكر لينين بحكمة بليغة قائلا: “المثقفون هم أقدر الناس على الخيانة؛ لأنهم أقدر الناس على تبريرها”. هذه المقولة استحضرتها قياسا على واقعة مراكش لأستاذ جامعي ضُبط وهو يبيع ويشتري في الشواهد الجامعية، بالإضافة للتلاعب في التسجيل بسلك الماستر ومنح شواهد ودبلومات مقابل مبالغ مادية. فهذا الأستاذ كما غيره من الأساتذة يجدون تبريرات لخيانتهم الله والوطن والأجيال القادمة لأن (المثقفين) حسب لينين دائما يجدون مبررا لخيانتهم.

وكما يُقال فإن الشاذ لا يقاس عليه لن نجانب الصواب إذا قلنا إن الغالبية العظمى من أساتذة الجامعة هم من أمثال أستاذ مراكش، لا أخلاق حسنة، لا بحث علمي، لا إصدارات، لا تأطير وإشراف جيد على الطلبة الذين هم تحت إشرافهم، لا مستوى أكاديمي… حتى صاروا يمثلون القاعدة والنموذج الجيد هو الاستثناء الذي نحلم ألا ينقرض من جامعاتنا ومعاهدنا العلمية، بمعنى أن الأستاذ الجامعي أصبح عبارة عن (فراقشي) بلغتنا الدارجة يبيع هو الأخر ويشتري ضاربا عرض الحائط كل أبجديات ومبادئ البحث العلمي.

إن التعليم الجامعي يا سادة هو الأساس والركيزة لبناء أي مجتمع وتطويره، والأستاذ الجامعي هو النخبة الذي ينير الطريق للأجيال القادمة ويفتح لها مسارات التعلم والتثقيف، لتنهض بهذا المجتمع وتسير به إلى بر الأمان، فمجتمع بدون نخبة هو مجتمع فاشل ومليء بالظواهر والسلوكيات الإجرامية والخطيرة. فبدون تعليم جامعي جيد لن تكون هنالك أي كوادر متعلمة أو مؤهلة نعتمد عليها في المستقبل.

إن مبدأ الجنس مقابل النقط في الجامعة بالإضافة للمال مقابل الشهادة الذي تفجر حاليا وسيتفجر لاحقا كذلك يَضرب في مصداقية الشهادة الجامعية ببلادنا وينزل بها إلى الحضيض، كما أنه يُعطي صورة سيئة عن التعليم العالي عندنا، وهو ظلم و”حكرة” كذلك لمن يستحق من أبناء الشعب الذين لا مال ولا سلطة لهم ويطمحون لتحسين مستواهم المعيشي والاجتماعي، فيأتي “أستاذ” جامعي “فراقشي” باحث عن “طالبات جميلات” ينفخ في نقطهم مقابل ليالي خمرية أيام نهاية الأسبوع! لا يبحث شيئا، فيحرمه من حقوقه ويحطم له أحلامه، وليس من رأى وعاش التجربة كمن سمع وقرأ!

وعلى ذكر البحث العلمي يجب أن نقر ونعترف أن السواد الأعظم من أساتذة الجامعات لا يُقدمون أي إنتاج أكاديمي، لأنهم منشغلون بالطالبات الجدد وما قضية الجنس مقابل النقط عنا ببعيد تلك القضية التي تفجرت وفضحت معها الكثير من الأمور المسكوت عنها وعرت مكانة الغالبية من الأساتذة الجامعيين الذين كانوا إلى حد قريب يَعتبرون أنفسهم آلهة لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم. فجميع التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات في العالم والتي تعتمد بالأساس على جودة التعليم، والبحث العلمي، والابتكار إلخ. نجد جامعاتنا غائبة وسبب ذلك واضح كما يُقال: إذا عُرف السبب بطل العجب.

يحكي أحد المفكرين أنه في زيارته لدولة كندا دخل الجامعة فوجد بعض الصور لأساتذة مكتوب تحتها باللغة الإنجليزية ماذا يفعل هؤلاء هنا فتملكه الفضول فاستوقف وسأل أحد الطلبة قائلا هؤلاء أليسوا أساتذة هنا؟ فأجابه: نعم هم أساتذة. ولماذا هذه العبارات؟ فقال له هؤلاء مر عام كامل دون أن يكتبوا بحثا علميا أو ينشروا مقالة محكمة فعلقت أسماؤهم هنا.

لو أردنا أن نقيس على هذا المنوال لنقيم أساتذة الجامعات ببلادنا انطلاقا من أبحاثهم العلمية، وتأطيرهم للطلبة ونشرهم لمقالات علمية محكمة في مجالات متعددة، لامتلأت كل جدران الجامعات صورا ووجدت نسبة 98% في المئة منهم معلقين ومكتوب تحت صورهم: ماذا يفعل هؤلاء هنا؟!.

إبراهيم بن مدان: كاتب صحفي
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة