إعداد: المصطفى العياش
في قلب تجزئة العامرية بمدينة مهدية، يشكّل رياض الخِمية تجربة استثنائية تنبض بروح الضيافة المغربية الأصيلة. يُعدّ هذا الرياض أول معلمة سياحية من نوعها بالمنطقة، تنسج بخيوطها تقاليد الكرم المغربي وجمالية المعمار المستوحى من الخيمة الصحراوية، في انسجام تام مع تاريخ المدينة وثرائها الطبيعي والثقافي.
أسّس المشروع السيد زمو المصطفى، المغربي الحامل للجنسية البلجيكية، والغيور على وطنه وعلى مدينة مهدية التي يحملها في قلبه كذاكرة حية. وقد اختار أن يُرافقه في هذا المسار الواعد الشاب عمر عمرية، المسير الفندقي المتألق، الذي يشتغل بخبرة ورؤية متجددة، واضعًا نصب عينيه هدف إعادة إشعاع المنطقة واستعادة موقعها كوجهة سياحية بامتياز. كما تشارك في التسيير ابنته زمو نوال، كاتبة الدولة في بلجيكا، في خطوة تؤكد البُعد العائلي والدولي للمشروع.

قيادة بطموح شبابي ورؤية فندقية عصرية
تحت إشراف عمرية عمر، الذي راكم تجربة فندقية غنية في مدن مغربية كبرى، يشق رياض الخِمية طريقه نحو التميز بثبات. عمرية لا يُدير فقط فضاءً للضيافة، بل يحمل مشروعًا متكاملًا يربط بين الثقافة والسياحة والمجتمع، ويطمح إلى جعل الرياض من أبرز معالم مهدية وأكثرها حيوية وتجدّدًا.
منذ تسلّمه مهام التسيير، عمل على تجديد الرؤية العامة للمكان، من خلال تحسين جودة الخدمات، وتنظيم الفعاليات الفنية، والانفتاح على مختلف الفئات الاجتماعية، ما جعل المقهى يفرض حضوره بسرعة على خارطة السياحة المحلية.

أجواء الخيمة المغربية… دفء الصحراء وأناقة التفاصيل
بمجرد أن تطأ قدماك عتبة رياض الخِمية، تجد نفسك في أجواء تنقلك إلى قلب الصحراء المغربية. تصميم المكان مستوحى من الخيمة البدوية الأصيلة، حيث الأقمشة التقليدية، الزرابي الأمازيغية، الأرائك الوثيرة، وأجواء الإنارة الخافتة، كلها تولّد شعورًا بالسكينة والحميمية.
المكان لا يقتصر على جمالية التصميم فقط، بل يقدم تجربة ضيافة متكاملة، حيث يُقدَّم الشاي المغربي بطقوسه الدقيقة، ويُعامل الضيف كواحد من أهل الدار.
كناوة يوميًّا… نبض تراثي لا يتوقف
من أبرز مميزات رياض الخِمية الجلسات اليومية لفن كناوة، التي تجعل من الفضاء ملتقى حيًّا لمحبي الإيقاع الروحي والتراث المغربي الأصيل. وقد استضاف الرياض لمعلم عبد القادر إمليل، أحد كبار معلمي كناوة بالمملكة، والذي أضفى على المكان طابعًا فنيًا متميزًا ورسّخ مكانته ضمن الفضاءات التي تحترم الموروث الثقافي وتحتفي به.
موقع استراتيجي بين النهر، البحر، والغابة
يقع رياض الخِمية في موقع استثنائي داخل تجزئة العامرية، غير بعيد عن نهر سبو الذي يصب في المحيط الأطلسي، في منطقة تُعد من أهم المحميات الطبيعية عالميًّا، لما تزخر به من تنوع بيولوجي واحتضانها لآلاف الطيور المهاجرة. كما يُجاور الرياض قصبة مولاي إسماعيل التاريخية، وتُطل عليه غابة ساحلية ممتدة، ما يمنح الزائرين فرصة نادرة للانتقال بين جمال الطبيعة وعبق التاريخ في مسافة قصيرة.
عائلة واحدة وراء المشروع… برؤية محلية وهوية عالمية
المشروع ليس مجرد استثمار، بل قصة عشق لمدينة وذاكرة جماعية. السيد زمو المصطفى، بحسّه الوطني العالي، حرص على أن يكون المشروع ذا بُعد اجتماعي وثقافي، فجمع حوله أسرته المؤمنة بضرورة تقديم تجربة سياحية مغربية أصيلة. وتُعد ابنته زمو نوال، كاتبة الدولة ببلجيكا، ركيزة أساسية في الرؤية التنظيمية الحديثة، إلى جانب الثقة الكاملة في المسير الشاب عمر عمرية، الذي يجسّد الطموح المحلي والاحتراف الفندقي في آنٍ واحد.
من فضاء ضيافة… إلى مركز إشعاع ثقافي
يطمح الفريق المسير إلى تجاوز النموذج التقليدي للمقاهي والرياضات، بتحويل رياض الخِمية إلى مركز إشعاع ثقافي وسياحي دائم. ويتم ذلك عبر دعم الحرفيين المحليين، وتنظيم أمسيات شعرية، وورشات فنية، وعروض موسيقية، ومعارض للمنتوجات المجالية، بما يعزز من روح الانتماء ويُنعش الاقتصاد المحلي.
آفاق واعدة لمهدية من قلب الرياض
ما يُميز رياض الخِمية هو جمعه بين الفكرة المبدعة، والموقع الساحر، والتدبير المحكم. مشروع بطموح وطني صادق، يُثبت أن السياحة الحقيقية لا تُبنى فقط بالاستثمارات، بل بالحب، والغيرة، والإيمان بجمالية المكان وعمق هويته.
ومن قلب هذا الرياض، تُطل مهدية برؤية جديدة لمستقبلها السياحي… مستقبل تحمله سواعد مخلصة، وتجارب ناضجة، وأحلام لا تعرف المستحيل.

سكرتير تحرير جريدة “كابريس”