غضب شعبي يجرّ لشكر إلى القضاء

kapress10 أغسطس 2025Last Update :
غضب شعبي يجرّ لشكر إلى القضاء

بقلم المصطفى العياش ــ سكرتير تحرير جريدة “كابريس”

توقيف الناشطة ابتسام لشكر، مساء الأحد 10 غشت 2025، بالرباط، لم يكن حدثاً معزولاً عن سياق أوسع يتكرر بين الحين والآخر في الساحة المغربية: الجدل الحاد بين مبدأ حرية التعبير المكفول دستورياً، وبين الحظر الصريح لأي مساس بالثوابت الوطنية والدينية. هذه المرة، انطلقت الواقعة من صورة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أصداءها تجاوزت حدود العالم الرقمي لتصل بسرعة إلى دوائر إنفاذ القانون.

توقيف سريع وحزم قضائي

بلغ وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط أن الصورة التي نشرتها المعنية بالأمر، والتي ظهرت فيها مرتدية قميصاً يتضمن عبارات مسيئة للذات الإلهية، مرفقة بتدوينة مهينة للدين الإسلامي، دفعت النيابة العامة إلى فتح بحث قضائي عاجل. وفي ظرف وجيز، تحركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بأمر من النيابة العامة، لتوقيفها ووضعها رهن الحراسة النظرية.
سرعة هذا التدخل تعكس حساسية الموضوع، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمعتقدات دينية عميقة الجذور في المجتمع، تحظى بحماية دستورية وقانونية.

الفصل 267-5: أداة القانون في مواجهة الإساءة

تستند القضية إلى الفصل 267-5 من القانون الجنائي، الذي يرسم خطوطاً حمراء تشمل الدين الإسلامي، النظام الملكي، والوحدة الترابية. المساس بهذه الثوابت يعرض صاحبه لعقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة، مع تشديدها إذا كان الفعل علنياً أو عبر وسائل إلكترونية.
في حالة ابتسام لشكر، فإن نشرها العلني عبر منصة رقمية قد يجعلها عرضة لعقوبة تصل إلى خمس سنوات سجناً.

المجتمع الرقمي كقوة ضاغطة

لم تعد مثل هذه القضايا تبدأ فقط من مكاتب القضاء أو مراكز الشرطة، بل باتت تنطلق من هواتف المواطنين. الانتشار الواسع للصورة والتدوينة عبر المنصات الرقمية، وموجة الغضب التي عبر عنها آلاف المستخدمين، جعلت من الرأي العام عاملاً مؤثراً في تسريع التحرك الرسمي. هنا يبرز سؤال: هل باتت وسائل التواصل الاجتماعي سلطة رقابية موازية، أم مجرد غرفة صدى لمشاعر جماعية قد تضغط على مسار العدالة؟

ما بعد التوقيف: انعكاسات ورسائل

بصرف النظر عن الحكم النهائي، فإن الرسالة وصلت: الفضاء الرقمي ليس منطقة معزولة عن سلطة القانون، والتعبير عبره يمكن أن تكون له تبعات قانونية مماثلة أو أشد من التعبير في الفضاء العام التقليدي. كما أن الحساسية المرتبطة بالرموز الدينية تجعل أي تجاوز خط أحمر لا يُتسامح معه، سواء صدر عن شخصية سياسية أو ناشط اجتماعي.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News