منير نافيع / كابريس
تحولت الهجرة غير النظامية من ظاهرة اجتماعية إلى واقع مقلق يربك الحياة اليومية للمغاربة، ويُعيد تشكيل توازنات المدينة والمجتمع بشكل غير مسبوق. ما يجري في الشوارع المغربية اليوم لم يعد قضية لجوء ولا ملف تضامن إنساني، بل غزو صامت يتمدد في ظل صمت رسمي رهيب.
مدن بكاملها أصبحت مرتعا لجماعات من المهاجرين غير النظاميين، خصوصا من دول إفريقيا جنوب الصحراء. ينتشرون بلا حسيب ولا رقيب، يحتلون الأرصفة، يسيطرون على الفضاءات العامة، يفرضون وجودهم بعنف رمزي وأحيانا مادي، ويتحولون إلى سلطة موازية في الأحياء الشعبية. المواطن المغربي لم يعد يشعر بالأمان في حيه، ولا داخل عمارة بيته، ولا حتى أمام باب شقته.
في مدينة تمارة، تجسد هذا الخوف الجماعي في حادثة صادمة، حينما طالبت أسرة مغربية باسترجاع شقة كانت تؤجرها لمهاجرين غير نظاميين. الرد كان عنيفا: اعتداء جسدي، تهديدات، شتم، وإهانة وسط صمت مطبق من السلطات. العائلة صعقت ليس فقط من عنف المهاجرين، بل من غياب أي تدخل حازم، وكأن الدولة قررت أن تترك المواطن يواجه مصيره بمفرده.
هذا الواقع يتكرر يوميا في أحياء مثل درابور والكرم والجيش الملكي، كما في الكاريانات والمناطق العشوائية بالرباط، الدار البيضاء، فاس، طنجة، وأكادير. التوتر يتصاعد، الغضب الشعبي يكبر، والمؤسسات المعنية تتقاعس أو تتجاهل عمدا.
وزارة الداخلية غائبة. الأمن يتدخل متأخرا أو لا يتدخل إطلاقا. وزارة الهجرة خارج السياق. والمجالس المنتخبة فقدت النبض ولم تعد تمثل سوى نفسها. النتيجة أن المواطن أصبح وحيدا، محروما من الحماية، ومعرضا في كل لحظة لخطر الانفلات الأمني والاجتماعي.
المغاربة لا يرفضون الآخر لمجرد أنه مهاجر أو إفريقي. لكنهم يرفضون أن يتحول بلدهم إلى حلبة للفوضى، أن تفرض عليهم سياسة هجرة لم يختاروها، وأن يطالبوا بالصمت باسم “التسامح” و”الكرم المغربي” في وقت يهانون فيه داخل وطنهم.
الدولة مطالبة اليوم بموقف حازم، وبخطوات عملية لا خطابات عاطفية. المطلوب ترحيل فوري لكل مهاجر غير نظامي متورط في الجريمة أو الفوضى. تفكيك أوكار التجمّع غير القانوني. فرض القانون بلا تردد. محاسبة المسؤولين عن التراخي. وإعادة بناء سياسة للهجرة تنطلق من مصلحة الوطن لا من تعليمات المانحين الدوليين.
المغرب ليس ساحة مفتوحة. والمغاربة ليسوا حراس حدود بالوكالة. من لا يستطيع اتخاذ القرار فليرحل. ومن ينتظر الإذن من الخارج فليفسح الطريق لمن يملك الجرأة. صبر هذا الشعب ليس أبديا. ومن يراهن على صمته، لا يعرف نار الغضب حين تشتعل.