في سياق دينامية متواصلة ووفاء لنهجها اليقظ في التفاعل مع القضايا ذات الحساسية الحقوقية، تعود هيئة الضمير الوطني للدفاع عن حقوق الإنسان إلى الواجهة، من خلال شكاية جديدة أودعتها صباح اليوم الخميس 10 يوليوز 2025 لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، بخصوص ما اعتبرته “عبارات خادشة للحياء وتوظيفًا غير مشروع لصفة قضائية”، وردت ضمن مقطع فيديو متداول يوثّق لحفل خاص.
وتأتي هذه الخطوة لتؤكد التراكم النضالي للهيئة التي سبق لها أن تبنّت، إلى جانب المنظمة المغربية للمواطنة والدفاع عن الوحدة الترابية، عدداً من الملفات الحقوقية التي شغلت الرأي العام.
وتواصل الهيئة اليوم ترسيخ مكانتها كفاعل مدني نشيط ومهني، من خلال تتبعها لعدد من الملفات المرتبطة بصحة وسلامة المواطنين، وانخراطها الميداني في التصدي للتجاوزات التي تمس كرامة الإنسان أو تسيء لمؤسسات الدولة.
الفيديو موضوع الشكاية، أثار موجة استنكار واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ظهر فيه أحد الأسماء المعروفة في الساحة الفنية، وهو يؤدي مقطعًا غنائيًا يتضمن ـ حسب مضمون الشكاية ـ عبارات نابية وساقطة، تبعتها إشارة مباشرة إلى أحد الحاضرين باعتباره “وكيل الملك”، في مشهد وصفته الهيئة بـ”الخطير والمخل بصورة العدالة”.
وفي تصريح خاص لجريدة “كابريس”، أوضح عبد المجيد بن حساين، رئيس الهيئة المشتكية، أن الشكاية لا تستهدف الأشخاص، وإنما تتعلق بـ”مسؤولية الكلمة عندما تمس قيم المجتمع أو رمزية المؤسسات”. مضيفًا أن “الزج بصفة قضائية سامية وسط مشهد صاخب، يوحي بوجود حماية أو رمزية فوق القانون، أمر غير مقبول ومسيء للعدالة”.
وتفيد جريدة “كابريس” بأنها تتوفر على نسخة كاملة من الشكاية المقدمة إلى النيابة العامة، ما يؤكد جديّة المسار القانوني الذي انخرطت فيه الهيئة.
فقرة قانونية: المس بالصفة القضائية جريمة مستقلة
ويُذكر أن الفصل 263 من القانون الجنائي المغربي ينص على أن إهانة هيئة منظمة قانونًا، كالقضاء أو الشرطة أو باقي المؤسسات العمومية، تُعد جريمة قائمة بذاتها، سواء تمت بالقول أو بالإشارة أو بالفعل، إذا تضمن ذلك مساسًا بالاعتبار أو الهيبة. وفي السياق ذاته، تُعتبر الإشارة إلى شخص بصفته “وكيل الملك” وسط سهرة خاصة تتخللها ألفاظ نابية، سلوكًا يمكن أن يُفسّر قانونيًا على أنه تطاول على مؤسسة دستورية وتوظيف رمزي غير مشروع لصفة قضائية سامية.
ملتمسات
الشكاية، التي تم إيداعها رسميًا لدى النيابة العامة بالرباط، تتضمن ملتمسات واضحة:
ــ فتح تحقيق في مضمون الفيديو.
ــ الاستماع للمعني بالأمر بشأن ما صدر عنه من عبارات.
ــ التحقق من هوية الشخص المشار إليه بصفته “وكيل الملك”، وما إذا كان يشغل فعلًا هذا المنصب أو زُجّ باسمه مجانًا.
ــ تكييف القضية بناءً على فصول 263 و264 و483 و484 من القانون الجنائي، التي تهم إهانة هيئة منظمة، واستعمال صفة دون سند قانوني، والإخلال العلني بالحياء، وترويج إيحاءات ذات طابع إباحي أو مهين.
ويبرز اسم الهيئة بشكل لافت في عدد من المدن، بفضل تحركات ميدانية وبلاغات رسمية توثق لحالات من التتبع والمساءلة، مما جعلها محل اهتمام إعلامي وشعبي، خصوصًا مع تصاعد الطلب المجتمعي على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
ويؤكد عبد المجيد بن حساين، رئيس الهيئة، أن القيادة الحالية اختارت الاشتغال وفق مقاربة تستند إلى القرب من المواطن، والانتصار لقضاياه العادلة، بعيدًا عن منطق المزايدات أو الشعارات الفضفاضة، وأن الهيئة تقدم نموذجًا لهيئة مدنية يقظة، لا تتردد في رفع الصوت حين تقتضي المصلحة العامة ذلك.
وفي ختام تصريحه، عبّر بن حساين عن ثقته الكاملة في مؤسسة النيابة العامة والقضاء المغربي، مؤكداً أن الهيئة ستقوم بتنصيب محامٍ لمتابعة أطوار الملف في حال فتح تحقيق رسمي، وذلك “ليس بغرض التشهير، بل دفاعاً عن الكرامة والمؤسسات والمصلحة العامة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله”.
ملاحظة: فضّلت الجريدة عدم ذكر الاسم الكامل للشخص المعني احترامًا لقرينة البراءة ومساطر البحث الجارية.
المقال من إعداد: المصطفى العياش
سكرتير تحرير جريدة “كابريس”
10 يوليوز 2025