
منير نافع / كابريس
تحولت ندوة ثقافية شهدتها مدينة العيون من منصة حوار أدبي إلى ساحة مشتعلة بالجدل، حينما خرج الدكتور علي إبراهيم بن سلمان، الباحث المعروف، عن النص متجاوزًا موضوع الندوة لينتقد سياسات المغرب السيادية في فرض التأشيرات على الزوار العرب. بن سلمان، الذي كان من المفترض أن يثري الحوار حول الثقافة والشعر، فاجأ الجميع بتصريحاته التي وصفها الإعلاميون الحاضرون بالاستفزازية وغير المبررة.
“كيف لدولة شقيقة كالمغرب أن تفرض التأشيرة على العرب؟ أليس هذا حاجزا أمام تبادل الثقافات؟” تساءل بن سلمان، وكأنه يتجاهل أن بلاده تفرض نفس السياسة. لكن الرد جاء سريعا وصارما، إذ تصدى له الإعلاميون بتذكيره بخطاب الملك محمد السادس، الذي سبق وأن انتقد فرض التأشيرات بين الدول العربية، معتبرا إياها عائقا أمام الوحدة العربية، مشددين على أن فرض التأشيرات في المغرب هو إجراء ضروري لضمان أمن البلاد في مواجهة التحديات الإقليمية.
ورغم محاولة بن سلمان المراوغة، إلا أن الإعلاميين لم يتركوا المجال للتمادي في هذه الانتقادات، محولين النقاش إلى نقطة جوهرية تتعلق بالسيادة المغربية وحماية حدودها. ولكن التساؤل الأبرز الذي بقي عالقا في أذهان الحاضرين: أين كان المثقفون المغاربة في هذه الندوة؟ ولماذا تركوا الساحة مفتوحة للانتقادات دون تقديم رؤية أكثر عمقًا ودقة حول واقع السياسات المغربية؟!
في الوقت الذي كان ينبغي أن تعقد فيه النقاشات حول الأدب والثقافة، تراجع الحوار الثقافي إلى الخلف ليصبح ساحة للدفاع عن السيادة الوطنية، وهو ما يُظهر أن قضايا الأمن القومي لا يمكن تجاهلها حتى في الفعاليات الأدبية.
المغرب، الذي يفرض التأشيرات كجزء من استراتيجيته الأمنية، ليس في حاجة لتبرير سياساته، خاصة وأنه يواجه تهديدات حقيقية من الجماعات الإرهابية التي تسعى لزعزعة استقراره. فكيف يمكن لدولة كالمغرب، وهي إحدى الدول الأكثر استقرارا في المنطقة، أن تفتح حدودها بدون مراقبة، في ظل التهديدات المتصاعدة التي تواجه المنطقة ككل؟
الندوة التي كان من المتوقع أن تُثري الحوار الثقافي، تحولت إلى درس في الوطنية، حيث أثبت الإعلاميون أن السيادة المغربية ليست محل نقاش، وأن القرارات السيادية للمملكة تأتي لحماية أمنها واستقرارها، وهي أولويات تتجاوز أي نقاش أدبي أو ثقافي.