في لحظة حزينة من تاريخنا الوطني، فقدت المملكة المغربية واحدًا من أنبل أبنائها، الأستاذ عبد الحق المريني، المؤرخ الرسمي للمملكة، والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، د جسد بحضوره ورصانته ذاكرة الدولة المغربية، وصوتها المتزن في اللحظات المفصلية.
وبهذه المناسبة الأليمة، اختارت “كابريس” أن تُجسد مشاعر الحزن المشترك من خلال شهادة دبلوماسية راقية من الدكتور نجيب الكتاني، رئيس منظمة “مغرب إفريقيا”. ووزير و مستشار سابق لبعض رؤساء الدول الافر يقية وهو أحد أبرز الأسماء المغربية التي راكمت تجربة واسعة في العمل القاري والدولي، ويُعرف بمواقفه الملتزمة في الدفاع عن قضايا الأمة، وبتقاسمه العميق لروح الوفاء للعرش العلوي المجيد.

في هذا الاستجواب الخاص، الذي تأخذ فيه التعزية طابعًا مركبًا بين الدبلوماسية والإعلام، والعلاقة الخاصة التي كانت تجمع الراحل بالدكتور الكتاني الذي عثر عن حجم الخسارة، وقدّم شهادة حية في حق رجل بصم سجل الدولة المعاصرة.
كابريس:
كيف تلقيتم خبر وفاة الأستاذ عبد الحق المريني؟
الدكتور نجيب الكتاني:
تلقيت النبأ ببالغ الحزن والأسى. لم يكن الأمر مجرد وفاة شخصية عمومية، بل هو فقدان لرمز من رموز الدولة الحديثة، وصوت من أصوات الحكمة والثبات في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
عرفت الراحل عن قرب، وتابعت مساره بإعجاب كبير، وكان من الشخصيات التي تجسد الوفاء التام للعرش ولثوابت الوطن والحنكة البروطوكولية.
ومن الناحية العلمية كان للفاقد رحمة الله عليه عدة مؤلفات واصدارات. قدم رحمه الله اطروحته لنيل الدكتور من جامعة استرازبورغ بفرنسا وهي نفس الجامعة التي تخرجت منها سنين من بعد .
كابريس:
ما الذي يميز الأستاذ المريني في نظركم.
الدكتور نجيب الكتاني:
كان مدرسة قائمة بذاتها، يحمل في صوته نبرة التاريخ وفي كلماته أناقة المخزن المغربي العريق.
وبدبلوماسيتي المتواضعة داخل إفريقيا، كنت دائمًا أستشهد بأسلوبه كمرآة تعكس هوية وطننا، وتوازن خطابنا في الداخل والخارج.
كابريس:
كيف تنظرون إلى رمزية الأستاذ المريني في السياق الإفريقي.
الدكتور نجيب الكتاني:
رحيل الأستاذ المريني يتجاوز البعد الوطني، لأنه كان يمثل في نظر عدد من الدبلوماسيين والمفكرين الأفارقة الدين باشروه نموذجًا حيًّا لصورة المغرب الموصول بعمقه التاريخي والحضاري. كان حريصًا على تقديم صورة ناصعة عن المملكة المغربية، لا باعتبارها بلدًا فقط، بل حضارة مستمرة لأنه رحمه الله يمثل امتدادًا حيًّا للدولة المغربية المستقرة.
كابريس:
في نظركم، ما دور التعزية الرسمية في ترسيخ تقاليد الدولة وهيبة المؤسسة الملكية.
الدكتور نجيب الكتاني:
التعزية في فكر الدولة العريقة، ليست مجرّد واجب، بل هي جزء من نسق رمزي عميق يرسّخ قيم الوفاء والولاء والثبات.
عندما يُعزى جلالة الملك، فنحن نرى في ذلك أن رمز وحدة الأمة يواكب مشاعر امته .
إن تقديم العزاء إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده هو تجديد للعهد على المضي خلف القيادة الرشيدة في الحفاظ على مؤسسات الدولة ورموزها وتاريخها.

وفي ختام هذا المقام الحزين، تتقدم منظمة مغرب إفريقيا، برئاسة الدكتور نجيب الكتاني، إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، بأصدق مشاعر العزاء والمواساة، سائلين العلي القدير أن يتغمد الفقيد الكبير بواسع رحمته، وأن يحفظ جلالة الملك بما حفظ به الذكر الحكيم، ويقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وأن يسبغ نعمه وألطافه على الأسرة الملكية الشريفة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
