معابر سبتة ومليلية بين المغرب وإسبانيا: من انفراج ديبلوماسي إلى اختبار عملي للشراكة الاستراتيجية

kapress3 مايو 2025آخر تحديث :
معابر سبتة ومليلية بين المغرب وإسبانيا: من انفراج ديبلوماسي إلى اختبار عملي للشراكة الاستراتيجية

متابعة : خالد بدري/كابريس

يمثل مثول وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أمام البرلمان يوم 5 ماي الجاري، أكثر من مجرد جلسة إحاطة دورية. إنه في العمق محطة فاصلة لاختبار جدية التحولات التي تشهدها العلاقات المغربية الإسبانية، بعد سنوات من المد والجزر، التي اتسمت أحيانًا بالتوتر الحاد، وأحيانًا بانفراج مشروط بحسابات دقيقة.

فالملف الذي سيعرضه ألباريس حول تقدم إجراءات تفعيل الجمارك التجارية بمعبري سبتة ومليلية، يكاد يشكل العنوان العريض للمرحلة الجديدة في هذه العلاقات الثنائية، حيث تسعى مدريد والرباط إلى إقامة شراكة استراتيجية تتجاوز صراعات الماضي وتؤسس لنموذج “تعاون حدودي” يعيد رسم خارطة التبادل التجاري والسياسي بين الضفتين.

ولعل استئناف عمليات التصدير النظامية عبر المعابر، بعد توقف دام أكثر من خمس سنوات، يحمل دلالات عميقة. فمن جهة، هو بمثابة الاعتراف الإسباني بأهمية العودة إلى التنسيق مع المغرب، في ما يخص إدارة هذين المنفذين التجاريين. ومن جهة أخرى، هو تعبير مغربي عن استعداد مرن لإعادة ضبط إيقاع العلاقة، شرط أن تصب في خانة احترام السيادة وتعزيز المصالح المتبادلة.

غير أن هذا الانفراج، الذي تبدي أوساط الأعمال تفاؤلًا بشأنه، لا يخلو من تحديات. فالمرحلة المقبلة ستختبر قدرة الطرفين على تجاوز العوائق التقنية والبيروقراطية التي تعيق انسياب السلع، وعلى إدارة قضايا حساسة، مثل توسيع قائمة المواد المسموح بها، كما أشارت إلى ذلك مندوبة الحكومة الإسبانية بمليلية، صابرينا موح، التي فتحت الباب أمام إمكانية إدخال المواد القابلة للتلف ضمن المبادلات.

كما يطرح الملف بُعدًا أعمق يرتبط بالاستراتيجية الدبلوماسية الإسبانية الممتدة إلى أفق 2028، والتي تسعى، وفق ما سيعلنه ألباريس، إلى إعادة التموضع في منطقة المتوسط، في سياق يتسم بتقاطع المصالح مع المغرب، خاصة في قضايا الهجرة، والأمن، والطاقة.

إن إعادة فتح معابر سبتة ومليلية لا يجب أن يُقرأ فقط في سياق التجارة، بل هو مؤشر سياسي على بداية تجاوز أزمات سابقة، مثل أزمة استقبال زعيم البوليساريو، وإغلاق المعابر من الجانب المغربي صيف 2018. كما يمثل ورقة تفاوضية بيد الطرفين، كلما دعت الحاجة إلى ضبط إيقاع الشراكة أو إعادة توجيهها.

في المحصلة، ما ستشهده جلسة البرلمان الإسباني يوم 5 ماي لن يكون مجرد نقاش داخلي، بل سيكون رسالة موجهة أيضًا إلى الرباط، فحواها أن مدريد ترغب في تثبيت مرحلة الانفراج، لكن بانتظار أن تجد هذه الإرادة المشتركة تجسيدًا عمليًا على الأرض، بعيدًا عن الارتدادات المحتملة لأي أزمة طارئة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة