ملف الصحراء المغربية: ساعة الحسم تقترب والهجوم الدبلوماسي خيار الملك محمد السادس

kapress16 مايو 2025آخر تحديث :
ملف الصحراء المغربية: ساعة الحسم تقترب والهجوم الدبلوماسي خيار الملك محمد السادس

المصطفى العياش ــ مختص في القضايا الوطنية
متابعة / خالد بدري

تشهد الساحة الدولية تحوّلات دبلوماسية متسارعة ومحورية حول ملف الصحراء المغربية، الذي تجاوز نصف قرن من النزاع المفتعل، حيث تتقاطع اليوم مؤشرات جدّية وقوية نحو حل نهائي يستند إلى مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب كحل واقعي وذي مصداقية. فاعترافات القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، فرنسا، وإسبانيا، تشكّل دلائل دامغة على دعم سيادة المغرب على صحرائه، وترسيخ حضور الرؤية الملكية في دوائر صنع القرار الدولي.

هذا الزخم الدبلوماسي الكبير لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة توجيهات دقيقة من الملك محمد السادس، الذي دعا في خطبه السامية إلى الانتقال من سياسة رد الفعل إلى منطق “الهجوم الدبلوماسي” كخيار استراتيجي لا رجعة فيه. فقد شدد الملك محمد السادس على ضرورة القطع مع الخطابات التقليدية، وخوض معركة الحسم بتحركات مدروسة، تقود إلى إنهاء النزاع المفتعل، وتعزز الاستقرار في المنطقة، وتكرّس سيادة المملكة على كامل ترابها الوطني.

وفي المقابل، يظهر جلياً الانهيار المتسارع في الدعم الذي كانت تحظى به بوليساريو، التي لم تعد تُرى سوى كتنظيم مسلح مدعوم من أطراف خارجية، يهدد الأمن الإقليمي. هذا التحول في توصيف بوليساريو داخل المنتديات والمحافل الكبرى، يعكس انتقالاً نوعياً في المزاج الدولي من لغة المجاملات إلى منطق الواقعية السياسية، ويضع خصوم المغرب في موقع ضعف متزايد.

أما الجارة الشرقية الجزائر، التي ظلت لسنوات حجر العثرة الرئيسي أمام أي تسوية، فإنها تعيش اليوم ارتباكاً واضحاً، وصمتاً دبلوماسياً لا يمكن تفسيره إلا في سياق تضييق هامش المناورة، وفشل رهانات التصعيد والتشويش. فالمتغيرات الجيوسياسية والاصطفافات الجديدة لا تسمح لها بمواصلة نفس الخطاب والمواقف دون أن تدفع ثمناً دبلوماسياً باهظاً.

وعلى مستوى القارة الإفريقية، بدأت معالم تحول تدريجي في المواقف، حيث أصبح من اللازم إعادة تقييم عضوية ما يسمى “الجمهورية الصحراوية” داخل الاتحاد الإفريقي، باعتبارها بقايا نزاعات الحرب الباردة التي تجاوزها الزمن، ولم تعد تنسجم مع منطق التعاون والتكامل بين الدول الإفريقية الصاعدة.

نحن اليوم أمام لحظة فارقة، تفرض على الجميع، وخاصة الشركاء العرب والأفارقة والأوروبيين، أن يُدركوا حجم التحوّل الحاصل، ويحددوا مواقفهم بوضوح، بعيداً عن ضبابية الحياد أو منطق “مسك العصا من الوسط”. فقضية الصحراء ليست فقط نزاعاً ترابياً، بل جوهر استقرار المنطقة ومفتاح توازناتها، وهي اليوم عنوان لمغرب يتحرّك بثقة، بقيادة الملك محمد السادس، الذي جعل من الدبلوماسية الهجومية درعاً للسيادة، وسيفاً لرسم موقع المملكة ضمن قوى التأثير العالمي.

لقد اقتربت ساعة الحسم، لا لأن الظروف مواتية فقط، بل لأن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، استطاع أن يصنع تلك الظروف، وأن يفرض منطق السيادة على طاولة المنتظم الدولي. لم يعد يُنتظر من الآخرين أن يحسموا نيابة عنّا، بل صارت المبادرة بأيدينا، والتحكّم في المسارات واقعاً دبلوماسياً يفرض احترامه.

الصحراء اليوم ليست فقط جزءاً من الخريطة، بل منبراً لتجسيد رؤية ملكية تصنع مغرباً صاعداً، بشراكات قوية، وموقع تفاوضي لا يُملى عليه، بل يُحتذى به.

ومن لا يزال يراهن على تأجيل الحسم، فقد تأخر عن زمن المغرب الجديد… زمن الملك محمد السادس.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة