المصطفى العياش / “كابريس”
أفادت عائلة المقاوم الوطني الحاج علي المانوزي بمدينة الدار البيضاء مؤخرًا،
بتوصلهم بإشعار رسمي يُهدد بهدم المنزل العائلي، المسمى إقامة المانوزي، قرب سوق باب مراكش،
ويُعد هذا البيت أحد المعالم التي ارتبطت بإحدى أنبل مراحل الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي، حيث كان فضاءً سريًا لانطلاق شرارة المقاومة المسلحة، ومركزًا لاحتضان اجتماعات نضالية في قلب العاصمة الاقتصادية.
العمارة، التي لا تزال شامخة بقيمتها الرمزية والتاريخية، تُجسد جزءًا من الذاكرة الوطنية المشتركة، ولا تمثل إرثًا عائليًا فقط، بل رمزًا من رموز مغرب الاستقلال والتضحية. وقد أكدت الخبرة التقنية، التي بادرت العائلة إلى إنجازها، صلابتها وسلامتها الإنشائية.

فالمقاوم الحاج علي المانوزي، الذي وهب روحه من أجل حرية الوطن وبناء مؤسساته الديمقراطية، لا تزال ذكراه حيّة في وجدان المناضلين والحقوقيين، وعلى رأسهم أفراد أسرته الذين واصلوا النهج النضالي بنفس الروح الوطنية.
وفي هذا السياق، لجأت العائلة إلى القضاء في إطار دعوى استعجالية لإلغاء هذا القرار الذي وصفته بالجائر، معتبرة أنه يستند فقط إلى تقرير وصفي صادر عن لجنة بلدية، دون الاعتماد على فحص تقني دقيق من ذوي الاختصاص في مجالي البناء والتعمير. وتشير العائلة، في هذا الصدد، إلى أن الإشعار الرسمي الذي توصلت به لا يحمل توقيع صاحبه، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى شفافية المسطرة وخلفيات القرار.
وباعتبارهم حقوقيين ملتزمين بثوابت المملكة ومؤسساتها، ومقتنعين بأن المغرب قطع أشواطًا مهمة في تجاوز ممارسات سنوات الرصاص، تؤكد عائلة المانوزي ثقتها في استقلالية القضاء الذي يصدر أحكامه باسم جلالة الملك.
وتجدد العائلة إصرارها على الدفاع عن مبنى يحمل رمزية استثنائية، يُفترض الحفاظ عليه أو تأهيله كفضاء للذاكرة، بما يليق بتاريخ المقاومة، ويوفّر للأجيال القادمة صلة حية بتاريخها الوطني. فقد مرّ من هذا البيت وجالس جلساته التاريخية عدد من أعلام النضال الوطني، من قبيل عبد الرحمان اليوسفي، ومحمد البصري، ومحمد بنسودة، ومولاي العربي العلوي، وسعيد بونعيلات…
ارتباطا بالموضوع تصريح خاص لجريدة “كابريس” من الدكتور صلاح الدين المانوزي، نجل المقاوم الحاج علي المانوزي.

في اتصال هاتفي مع “كابريس”، عبّر الدكتور صلاح الدين المانوزي عن موقف العائلة، مبرزًا حجم الأذى المعنوي الذي خلفه هذا التهديد، ومشددًا على أملهم في صدور قرار قضائي حكيم يُنصف البيت وساكنيه ويصون رمزيته التاريخية.
“كابريس”: كيف استقبلتم كعائلة خبر التهديد بهدم هذا المنزل التاريخي؟
د. صلاح الدين المانوزي: كان وقع الخبر علينا مؤلمًا للغاية. هذا البيت ليس مجرد جدران، بل شاهد حي على مرحلة نضالية مجيدة. لقد كان فضاء يجتمع فيه والدي ورفاقه من المقاومة والحركة الديمقراطية، لوضع الخطط وإطلاق شرارة الفداء، وتنظيم الخلايا المناضلة من أجل دمقرطة المؤسسات. نعتبره جزءًا من ذاكرة الوطن، وليس فقط من تاريخ العائلة.
“كابريس”: ما الذي تنتظرونه اليوم من الجهات المعنية؟
د. صلاح الدين المانوزي: نأمل أن يُنصفنا القضاء، وأن تتخلى السلطات المحلية عن المقاربات القاصرة التي تطغى عليها الاعتباطية وتُغامر بمستقبل أسر بأكملها. ونُسجّل بأسف كبير تحوّل بعض ممثلي الساكنة، وعلى رأسهم رئيسة مقاطعة سيدي بليوط، إلى أدوات لتمرير خطط تمس بحقوق السكان في الطمأنينة والعيش الكريم. ويكفي أن نذكر أن الإشعار الذي توصلنا به لا يحمل توقيعًا، وهو ما يزيد من منسوب الغموض، ويُثير تساؤلات مشروعة حول خلفية القرار وطبيعته.
“كابريس”: هل أنتم مستعدون للانخراط في حلول بديلة؟
د. صلاح الدين المانوزي: بالتأكيد. نحن منفتحون على التعاون مع السلطات وكافة الجهات المعنية، لإيجاد صيغة تحفظ حقوق الساكنة ومالكي العقار، وتُيسر في الوقت نفسه إنجاز المشاريع التنموية والاستراتيجية في خدمة الصالح العام. ما نرفضه هو أن يُطوى هذا الفصل من التاريخ بالجرافات. يجب أن يُحفظ هذا المكان بما يليق بذاكرة المدينة القديمة، وبشهداء الوطن الأبرار.
