المقال من إعداد المصطفى العياش، سكرتير تحرير جريدة “كابريس”
في ظل تحولات إقليمية معقدة وتطورات سياسية متسارعة، يواصل حزب جبهة القوى الديمقراطية، بقيادة أمينه العام مصطفى بنعلي، إحداث نقاش فكري وسياسي مستفيض حول القضايا الأمنية والوطنية المصيرية. في هذا الإطار، تستعد الندوة يوم السبت 31 ماي 2025 بفندق الرباط لاستضافة الكاتب والإعلامي الجزائري أنور مالك، الذي سيقدم كتابه الجديد “بوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”.
يأتي هذا اللقاء في سياق سلسلة ندوات “علاقات المغرب مع جيرانه” التي انطلقت منذ يونيو 2021، والتي تعكس التزام الحزب بإبراز الحقائق السياسية والاقتصادية والثقافية التي تؤثر في استقرار المنطقة ووحدة التراب الوطني.
الكاتب أنور مالك، رغم انتمائه للجزائر، يظل صوتًا مغايرًا للخط الرسمي في بلده. يعكس كتابه موقفاً نقدياً متشدداً تجاه الدعم الجزائري لجبهة بوليساريو، ويكشف زوايا خفية من العلاقة المشبوهة بين الجبهة والنظام الإيراني، ما يجعل منه مرآة حقيقية للتناقضات داخل الجزائر ذاتها. هذه القراءة الداخلية تضيف قيمة مضافة لما يُطرح، إذ يؤكد مالك أن دعم البوليساريو لم يكن يوماً موقفًا جماعياً داخل الجزائر، بل كان محصوراً في دوائر ضيقة، مما يفتح الباب أمام مراجعات سياسية كبرى في المستقبل القريب.
تتسم قراءة الكاتب الجزائري المعارض للنظام الجزائري بعمق نقدي يسلط الضوء على اختلافات جوهرية داخل النظام الجزائري نفسه حول ملف دعم جبهة الانفصال، ما يبرز حقيقة أن المواقف الرسمية لا تعبر بالضرورة عن إجماع داخلي، بل هي مواقف تفرضها مصالح ضيقة، مما قد يؤدي إلى تحولات جذرية في السياسات المستقبلية إقليمياً ودولياً. هذا التحليل يؤكد أهمية الاستفادة من الانقسامات الداخلية في الجزائر لتعزيز الموقف الوطني ودعم استقرار وحدة التراب.
الندوة تأتي في وقت يتزايد فيه القلق الدولي والإقليمي من تورط جبهة الانفصال في نشاطات إرهابية، وعلى رأسها الارتباط الوثيق مع إيران. ويأتي صدور الكتاب بالتزامن مع تقارير حول رفض النظام السوري الجديد إطلاق سراح 500 عنصر من جبهة الانفصال معتقلين في سجونه، في إشارة صريحة إلى مشاركتهم في القتال ضد المدنيين السوريين. هذا التوجه الدبلوماسي الجديد لسوريا، الذي تضمن إغلاق مقرات الجبهة في دمشق، يضع المنطقة أمام معادلة جديدة لصالح استقرار وحدة التراب الوطني.
من الناحية السياسية، تعكس ندوة حزب جبهة القوى الديمقراطية استراتيجية واضحة في مواجهة التحديات، تتضمن تعميق الوعي المجتمعي بأبعاد التدخلات الخارجية في قضية الوحدة الترابية، وإبراز الاختلافات الداخلية في الجزائر حول هذا الملف، إلى جانب التشديد على الأبعاد الحقوقية المتعلقة بانتهاكات جبهة الانفصال في مخيمات تندوف، التي ستتناولها السلسلة في ندوتها القادمة، والتي ستفتح نقاشًا معمقًا حول الوضع الإنساني وواقع الانتهاكات هناك.

هذا اللقاء يشكل فرصة فريدة لاستشراف مستقبل المنطقة من خلال قراءة دقيقة لملف حساس ومعقد، مستندة إلى شهادات ومعلومات متعمقة وموضوعية. إنه موقف سياسي ذكي يراهن على المعرفة الدقيقة كوسيلة للردع والضغط الدبلوماسي، ويؤكد دور حزب جبهة القوى الديمقراطية كلاعب رئيسي في المشهد الوطني والإقليمي.
ومن هذا المنطلق تؤكد مؤسسة “كابريس” حرصها على متابعة مثل هذه المبادرات الفكرية والسياسية، وتشجع كافة الفاعلين من جمعيات حقوقية ومنابر إعلامية رسمية وغير رسمية على متابعة هذه الندوة وغيرها من الفعاليات التي تهدف إلى كشف الحقائق وتعزيز الوحدة الوطنية.
