في زمن تتسارع فيه التحديات المناخية وتشتد أزمة الجفاف، تتحول الملفات الاستراتيجية، مثل تحلية مياه البحر، إلى أوراش مصيرية لا تقبل العبث ولا تحتمل الحسابات الضيقة. وبينما يضع جلالة الملك قضية الماء في صدارة الأولويات الوطنية، كان من الطبيعي أن يظهر قادة ميدانيون يدافعونم عن هذه الرؤية، ومن أبرزهم يوسف جبهة، رئيس الغرفة الفلاحية بسوس ماسة.
قائد ميداني في ورش ملكي استراتيجي
منذ بروز فكرة محطة تحلية مياه البحر تيزنيت–تارودانت، لم يكن يوسف جبهة مجرد متابع من بعيد، بل كان في صلب الحدث: يتابع الدراسات التقنية، ينسق مع القطاعات الحكومية، ويصر على أن يكون صوت الفلاحين حاضرا في كل تفاصيل دفتر التحملات. تحركاته الميدانية ولقاءاته المباشرة مع المهنيين جعلت منه مرجعا في شرح المشروع وتبديد المخاوف المرتبطة به.
مواجهة التشويش السياسي
نجاح يوسف جبهة في كسب ثقة الفلاحين، وإصراره على ضمان نصيب الجهة من المياه المحلاة، أزعج بعض الأطراف التي اعتادت استثمار الأزمات لغايات انتخابية. الاجتماع الأخير لـ“جمعية الفلاحين المتحدين” كشف حجم هذه المناورات، حيث تحولت منصة يفترض أن تكون للتوضيح والتوعية، إلى ساحة للتجاذبات ومحاولة النيل من سمعة رئيس الغرفة، رغم غيابه عن اللقاء.
الرؤية الملكية… والبوصلة الوطنية
الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش لم يترك أي مجال للتأويل: الأمن المائي خط أحمر، ومشاريع التحلية جزء من برنامج وطني ضخم للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي (2020–2027) بميزانية 143 مليار درهم، يهدف لإنتاج 1.7 مليار متر مكعب سنويا من المياه المحلاة بحلول 2030. محطة تيزنيت–تارودانت بطاقة 350 مليون متر مكعب سنويا ليست مجرد مشروع محلي، بل حلقة من منظومة سيادية لضمان الأمن الغذائي والمائي للمغاربة.
بين من يبني ومن يعرقل
المشهد الحالي في سوس ماسة يضع الرأي العام أمام معادلة واضحة: هناك من يسعى بصدق لإنجاح مشروع سيغير وجه الفلاحة بالجهة، ويوسف جبهة في مقدمتهم، وهناك من يختار افتعال الضجيج السياسي قصير المدى، حتى ولو كان الثمن هو تعطيل ورش استراتيجي.
التاريخ لا يتذكر الحملات المغرضة، لكنه يوثق أسماء من وضعوا المصلحة العامة فوق أي اعتبار. يوسف جبهة اليوم يمثل هذا النموذج، والنقاش الحقيقي الذي يجب أن ينخرط فيه الجميع هو: كيف نسرع وتيرة الإنجاز، بدل أن نضيع الوقت في معارك جانبية.
