رحيل مؤلم للمناضل الاتحادي مصطفى عربة: أحد أعمدة العمل الجماعي بمقاطعة الفداء في ذمة الله

kapress31 مايو 2025آخر تحديث :
رحيل مؤلم للمناضل الاتحادي مصطفى عربة: أحد أعمدة العمل الجماعي بمقاطعة الفداء في ذمة الله

يغيب الجسد، وتبقى المواقف شاهدة على معدن الرجال.
برحيل الأخ مصطفى عربة، خسر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية واحدًا من أبنائه الأوفياء، ومناضلًا بصم مساره في صمت، وثبّت قدميه في معترك الشأن العام، دون أن يحيد لحظة عن جوهر المدرسة الاتحادية الأصيلة، حيث النضال يُمارس بتواضع، والكلمة تُوزن بميزان المصلحة العامة، والوفاء يُترجم إلى سلوك يومي ثابت.

الفقيد، الذي شغل منصب عضو مجلس مقاطعة الفداء رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية، كان نموذجًا للمنتخب النزيه، الوفي لثقة المواطن، والحاضر دائمًا في تفاصيل العمل الجماعي المحلي، لا يغيب عن الاجتماعات، ولا يتأخر في الترافع عن قضايا الساكنة، ولا يتردد في مدّ يد المساعدة لمن احتاجه. كان رجلًا يُعتمد عليه، وصوتًا عقلانيًا في النقاشات، لا يزايد، ولا يساوم على مبادئه.

وفي لحظة مؤثرة، صدح صوت عبد الهادي غندومي، نائب رئيس مقاطعة الفداء، بكلمة نابعة من القلب، قائلاً:

“برحيل الأخ والصديق مصطفى عربة، فقدتُ شخصيًا رفيق درب نادرًا، ورجلاً عاش العمل الجماعي والسياسي بصفاء نية وصدق نضال لا يُشترى ولا يُصطنع.
كنا معًا في مجلس مقاطعة الفداء، ضمن فريق يشتغل بتكامل ومسؤولية، تحت رئاسة الأخ محمد اكليوين، وضمن تركيبة جماعية عشنا معها همّ الإنصات والتدبير المشترك، إلى جانب الزملاء الأعزاء: الصديقي التادلي، سناء رضى، خالد بهموت، العربي هموش، ومحمد ياسين ياقين، كل واحد منهم تقاسم مع مصطفى لحظات مهنية وإنسانية صادقة.
مصطفى لم يكن مجرد عضو مجلس مقاطعة الفداء و رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية، بل كان روحًا طيّبة نُحبها جميعًا، وفاعلًا حقيقيًا لا تفوته تفاصيل الشأن المحلي، صادقًا في مداخلاته، ودائم الحضور بابتسامته المعهودة وهدوئه المطمئن.
رحيله شكل صدمة للجميع، وجعلنا نعيد النظر في هشاشة اللحظة، ونتذكر أن ما يبقى بعدنا هو صدق النوايا وجمال الأثر.
مصطفى لن يُنسى، لأنه لم يكن يشتغل من أجل أن يُذكر، بل من أجل أن يكون حاضرًا في قلوب الناس، وقد كان، وسيبقى كذلك.
رحمك الله، أخي مصطفى، وأسكنك فسيح جناته.”

في حزب الاتحاد الاشتراكي، كان الراحل من طينة المناضلين الصامتين، الذين يشتغلون في الظل، ويتركون الأثر في النفوس لا في العناوين. آمن بالحزب كمدرسة لا تنتهي، وظل وفيًا لمساره رغم ما عرفته الساحة من تقلبات وتحولات.

ولم يكن ذلك التقدير مقتصرًا على رفاقه في الحزب، بل عبّر محمد اكلوين رئيس مجلس مقاطعة الفداء وجميع أعضائه – من مختلف التوجهات – عن حزنهم العميق، مؤكدين أن الراحل كان جامعًا لا مفرّقًا، وصوتَ اعتدالٍ في لحظات الانفعال، ومنتخبًا جعل من الإنصات أداة اشتغال، ومن الاحترام أسلوب تواصل.

وقد أكتبُ هذه السطور لا فقط بصفتي صحافيًا، ولكن بصفتي واحدًا ممن رافقوا الراحل مصطفى عربة في مسارات نضالية طويلة، تقاسمنا فيها القيم ذاتها، والإيمان ذاته بأن السياسة أخلاق أولاً، وخدمة عمومية ثانيًا، وأن انتمائه لحزب الاتحاد الاشتراكي كان ولا يزال انتماءً لقضية، لا لمصلحة.

عرفتُ مصطفى عن قرب، ليس فقط في لحظات المكاتب والنقاشات، بل في لحظات الصدق والتعب والنكران، يوم كانت السياسة كدًّا وتعبًا، لا صورة وبروتوكولًا. كان رجلًا لا يتصنع المواقف، ولا يلهث وراء الأضواء، بل يمشي بين الناس، ويعرف همومهم واحدًا واحدًا. لا يُخاصم أحدًا، ولكن يختلف بشرف. لا يرفع صوته، ولكن كلمته كانت مسموعة.

أكتب اليوم عن مصطفى وقد صار في دار البقاء، ولكني أكتبه في الحاضر، لأنه لم يكن يومًا من الغائبين…
سأفتقده كصديق، وسيفتقده المجلس كفاعل، وسيفتقده الحزب كمناضل.
ولكننا جميعًا، سنظل نذكرك يا مصطفى، بابتسامتك، وطيبتك، ونقائك الذي قلّ نظيره.

إعداد: المصطفى العياش
صديق الراحل، ورفيق الدرب في النضال السياسي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة