منير نافيع
مرة أخرى، قررت جبهة البوليساريو في بيان لها أن تذكر العالم بأنها مازالت موجودة… على الأقل على الورق. فزعيمها، إبراهيم غالي، بعث رسالة جديدة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مرفقة بمقترح وصف بـ”الموسع”، وكأن الجبهة اكتشفت فجأة طريقا جديدا إلى الحل بعد نصف قرن من الدوران في نفس الحلقة الرملية.
لكن الحقيقة، كما يقول أحد الدبلوماسيين القدامى في الأمم المتحدة، أن البوليساريو لا توسّع مقترحاتها، بل توسع فقط هامش الأمل في البقاء. الرسالة الجديدة ليست إلا محاولة إنعاش اصطناعي لكيانٍ يعيش تحت أجهزة التنفس الجزائرية، بينما الجسد الأممي يتهيأ لدفن ملف ولد ميتا.
إبراهيم غالي، الذي تحدث عن “تقاسم فاتورة السلام”، يبدو كمن نسي أن الجزائر هي من دفع الفاتورة كاملة… ومازالت تنتظر “الضمانة” من التاريخ. الجزائر نفسها اليوم تتخبط في أزماتها، من عزلة إقليمية إلى شلل اقتصادي ودبلوماسي، تحاول تعويضها بالتصفيق لأي بيان يصدر من تندوف، ولو كان مجرد “بيان حياة”.
الطريف في الأمر أن الجبهة تتحدث عن استعدادها لـ”التفاوض المباشر مع المغرب”، وكأن المملكة مازالت في نفس النقطة التي تركتها سنة 1991. المغرب اليوم يتحدث من موقع الدولة القوية إقليميا، المتصالحة مع محيطها الإفريقي والعربي، والمدعومة باعترافات دولية متزايدة. بينما الجبهة، ومعها راعيتها في قصر المرادية، مازالتا تتحدثان بلغة البدايات، حين كانت الرمال أكثر صبرا مما هي عليه الآن.
رسالة غالي ليست حدثا دبلوماسيا، بل فصلا جديدا من كوميديا سياسية حزينة، بطلاها تنظيم يحتضر ودولة راعية فقدت توازنها. أما الجمهور الدولي، فقد غادر القاعة منذ زمن، وترك وراءه ممثلين يصرون على أداء مسرحية انتهت
يبدو أن “الاحتضار” أصبح عنوان المرحلة: البوليساريو تحتضر سياسيا، والجزائر ترافقها طبيا، والعالم يشاهد بصمت نهاية عرض طال أكثر مما يستحق.






















