بايتاس والصمت المريب: هل أصبحت موارد الجماعات المحلية امتيازا خاصا؟

kapress16 مارس 2025Last Update :
بايتاس والصمت المريب: هل أصبحت موارد الجماعات المحلية امتيازا خاصا؟

منير نافع/كابريس

عاد الجدل مجددا حول استغلال المال العام والمناصب السياسية لأغراض شخصية، بعد انتشار صور تظهر شاحنة تابعة لجماعة تيوغزة متوقفة أمام منزل يقال إنه يعود لعائلة مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة. هذه الواقعة أثارت تساؤلات مشروعة حول شفافية تدبير الموارد الجماعية، خاصة بعدما ربط نشطاء بين الحدث وتوزيع مساعدات من قبل جمعية “جود”، التي تتهم بكونها الذراع الاجتماعية لحزب التجمع الوطني للأحرار.

في سياق ينتظر فيه المواطنون توضيحا شفافا، اختار بايتاس تفادي الإجابة خلال الندوة الصحفية عقب اجتماع الحكومة، مكتفيا بتصريح فضفاض بأن “القضايا ذات الطبيعة السياسية سيتم التفاعل معها في الفضاء المناسب”. لكن، هل نحن أمام “قضية سياسية” أم شبهة استغلال للنفوذ وإهدار للمال العام؟ إن صمت بايتاس لم يخفف من الجدل، بل زاد من الشكوك والتأويلات، خاصة أن الحديث هنا يتعلق بمبدأ أساسي في الحكامة الجيدة: المحاسبة والوضوح أمام الرأي العام.

أما رئيس جماعة تيوغزة، الحسين إدابير، فكان موقفه أكثر التباسا، إذ أكد أن الشاحنة كانت في “مهمة خاصة للجماعة”، دون الكشف عن طبيعة هذه المهمة، مشددا في الوقت ذاته على عدم وجود أي علاقة بين الجماعة وجمعية “جود”. لكن المثير للاستغراب أن لوحة ترقيم الشاحنة كانت مغطاة، وهو تفصيل لا يمكن تجاهله، إذ يطرح السؤال: لماذا يتم إخفاء هوية المركبة إذا كانت مهمتها قانونية وشفافة.

ما حدث ليس مجرد تفصيل عابر، بل نموذج لطريقة تدبير المال العام، حيث تستخدم الموارد الجماعية في سياقات مشبوهة، دون أي وضوح أو محاسبة. وهنا يحق للمواطن أن يتساءل: إذا كانت الجماعات المحلية تمتلك الإمكانيات لتقديم “مساعدات خاصة”، فلماذا لا توجه هذه الموارد لتحسين الخدمات الأساسية التي تعاني من تدهور مستمر؟ ولماذا يلجأ إلى المراوغة بدلا من تقديم إجابة صريحة وواضحة؟

إن هذه الواقعة تكشف مرة أخرى أن غياب الشفافية والمحاسبة لا يؤدي إلا إلى تقويض ثقة المواطنين في المؤسسات، ويفتح المجال أمام مزيد من الشكوك. والمفارقة أن المسؤولين الذين يفترض أنهم مؤتمنون على المال العام، هم أول من يفترض بهم تقديم الإجابات لا التهرب منها. فإذا لم تكن هناك محاسبة حقيقية، فإن السؤال سيظل مطروحا: إلى متى ستبقى موارد الدولة رهن إشارة أصحاب النفوذ؟

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News