زكريا الإشرة / كابريس
فجعت الأسرة التعليمية بمدينة أرفود ومعها الرأي العام الوطني، فجر يوم الأحد 13 أبريل الجاري، بخبر وفاة أستاذة اللغة الفرنسية بمعهد التكوين المهني، متأثرة بإصابة خطيرة تعرضت لها خلال شهر رمضان الماضي بعد اعتداء همجي بواسطة سلاح أبيض من طرف أحد طلبتها.
الواقعة تعود إلى يوم الخميس 27 مارس 2025، حين أقدم طالب يبلغ من العمر 21 سنة على مهاجمة أستاذته في الشارع العام مستعملًا أداة حادة من نوع “شاقور”، ما خلف إصابات بالغة الخطورة. تم نقل الأستاذة على إثرها إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بمدينة فاس، حيث كانت ترقد بقسم العناية المركزة إلى أن أسلمت الروح فجر الأحد.
الطالب المعتدي تم توقيفه في اليوم نفسه من طرف عناصر الشرطة بالمفوضية الجهوية للأمن بأرفود، حيث وُضع رهن تدابير الحراسة النظرية، في انتظار تقديمه أمام القضاء.
هذه الجريمة المروّعة أعادت إلى الواجهة إشكالية العنف المتنامي داخل المؤسسات التعليمية، وفتحت نقاشًا واسعًا حول محدودية الإجراءات التأديبية، خصوصًا في ظل ما يُعرف بـ”مذكرات البستنة” التي تحُد من الصرامة في التعامل مع بعض السلوكات المنحرفة داخل الفضاء التربوي.
لكن الحادثة، مهما كانت دوافعها الفردية، تطرح سؤالًا أعمق: ما الذي يجعل شابًا ينهج هذا العنف الدموي تجاه من يُفترض أنها تربيه وتعلّمه؟
الجواب، حسب عدد من المتابعين والفاعلين التربويين، يتجاوز رد الفعل الانفعالي إلى قراءة اجتماعية أعمق: نحن أمام جيل ضائع تتقاذفه موجات التفاهة، والفراغ القيمي، والتفكك الأسري، مع انسحاب الدولة من أدوارها الحيوية في التأطير، والرعاية، والحماية.
الحادثة ليست معزولة، بل هي جزء من مشهد أعرض من العنف المستشري الذي صار يهدد أمن المؤسسات التعليمية ويكسر هيبة مهنة التعليم. إنها دعوة ملحة لإعادة الاعتبار لمكانة الأستاذ، وفرض الحماية القانونية الفعلية له، والتعامل بجدية مع مؤشرات الخطر التي تسبق هذه المآسي.
إن مقتل الأستاذة هاجر يجب أن لا يُختزل في مجرد “حادث فردي”، بل يُفترض أن يكون ناقوس خطر وشرارة لإعادة التفكير في السياسات التربوية والاجتماعية التي تجعل شبابًا في عمر الزهور يتحولون إلى مجرمين وقتلة.
كل التعازي لأسرة الفقيدة، ولكل أسرة التعليم… وكل الإدانة لثقافة الإهمال واللامبالاة.