ضربة تزلزل عروش طهران وتفضح هشاشة نظام يتهاوى من الداخل والخارج
في قلب العاصمة طهران، حيث تلتقي أروقة السلطة مع أجواء التوتر المستمر، وقعت ضربة عميقة الرمز والمعنى، لم تستهدف فقط جسد الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان، بل وجهت رسالة رمزية تعكس أزمات النظام وجذور هشاشته.
ففي محاولة اغتيال نادرة، فقد بيزشكيان رجله اليسرى إثر استهداف دقيق لمقر اجتماع مجلس الأمن القومي تحت الأرض، في حادثة أثارت أصداءً واسعة داخل إيران وخارجها.
عندما تتحول الإصابة إلى رمز سياسي
إن بتر رجل الرئيس ليست مجرد حادث طبي أو نتيجة لإصابة عسكرية، بل تحمل أبعادًا رمزية ثقيلة، إذ لطالما ارتبطت “قوة القائد” في الثقافة السياسية الإيرانية بالقدرة على الحركة والثبات والصلابة الجسدية، بدءًا من الخميني مرورًا بقاسم سليماني.
اليوم، يتحول بيزشكيان إلى “الرئيس المبتور”، صورة جديدة تعكس تراجعًا في سلطة النظام، وضعفًا في قدرته على مواجهة أعدائه، وتصدعًا داخليًا في مؤسساته الأمنية والاستخباراتية.
اختراق داخل العمق: كيف وصلت إسرائيل إلى قلب طهران؟
العملية لم تكن مجرد ضربة عسكرية عابرة، بل هي تتويج لعملية استخباراتية متقدمة توّجت بسلسلة اختراقات داخلية وخارجية.
معرفة إسرائيل بتوقيت الاجتماع، تخطيط المنشأة، نقاط الدخول والخروج، وأنظمة التهوية، كلها مؤشرات على وجود شبكة معلوماتية متطورة وربما خيانة داخلية.
هذا الواقع يضع النظام الإيراني في مأزق، إذ لا يواجه فقط عدوًا خارجيًا متفوقًا تكنولوجيًا، بل يواجه تهديدًا من داخله.
ماذا يعني الصمت الإيراني؟
غياب أي رد فعل مباشر من إيران حتى الآن يعكس حجم الصدمة وربما عجز النظام عن التعامل مع هذا الحدث الاستثنائي.
يبدو أن الصراع دخل مرحلة “الصمت الإجباري”، حيث تفضل القيادة التريث والتركيز على تعزيز أجهزة الأمن، بدلاً من الانخراط في مواجهات قد تزيد من هشاشة وضعها.
اغتيال رمزي في لعبة إقليمية مفتوحة
الضربة التي أصابت بيزشكيان في جسده تحمل رمزية تفوق الجسد.
إنها اغتيال رمزي للهيبة، للقدرة، وللصورة التي يحاول النظام الإيراني الحفاظ عليها أمام الداخل والخارج.
في معركة طويلة الأمد، باتت مثل هذه الضربات تعبر عن نوع جديد من الصراع، حيث لا يقتل القائد فقط، بل تُقتل صورته وسلطته بطريقة تترك أثرًا نفسيًا وعسكريًا على النظام.
الفصل الحاسم: الوقت للانتفاضة الذكية في الشارع الإيراني
لم تعد مجرد إصابة جسدية للرئيس الإيراني تمثل الحدث الأبرز، بل هي نداء صارخ إلى الشعب الإيراني ليقف بوعي وتصميم ضد نظام ظل ينهكهم عقودًا.
هذه الضربة يجب أن تفتح أعين الجميع على حقيقة أن استمرار النظام يعني المزيد من الانكسارات والهوان، وأن الحل الوحيد للخروج من دوامة الأزمة هو نزول الشارع والضغط الحقيقي من القاعدة الشعبية.
لكن هذه الانتفاضة لا بد أن تكون ذكية، منظمة، ومبنية على وعي سياسي عميق، تجمع بين العزيمة والصبر والتخطيط السليم، لتضمن نجاحها في إسقاط نظام عاث فسادًا في البلاد وأهدرت كرامة مواطنيها.
إلى أين تتجه المنطقة؟
مع تصاعد هذه المواجهات، وحالة الاضطراب داخل طهران، يزداد احتمال حدوث تحولات كبرى في السياسات الإقليمية، قد تؤدي إلى تغييرات استراتيجية في موازين القوى.
في هذه اللحظة الحرجة، تبقى الأنظار مشدودة لما ستسفر عنه الأيام القادمة، بين صمت النظام، ومناورات خصومه.

سكرتير تحرير جريدة “كابريس” ــ 14 يوليوز 2025