إبراهيم بلالي اسويح: مبادرة الحكم الذاتي نقلت الملف من مأزق الجمود إلى أفق التسوية الواقعية

kapress24 يوليو 2025Last Update :
إبراهيم بلالي اسويح: مبادرة الحكم الذاتي نقلت الملف من مأزق الجمود إلى أفق التسوية الواقعية

متابعة منير نافيع

في حديث خص به جريدة “كابريس”، اعتبر المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إبراهيم بلالي اسويح، أن المقاربة التي انتهجها الملك محمد السادس في تدبير ملف الصحراء المغربية، منذ اعتلائه العرش سنة 1999، قامت على كسر النمط التقليدي في معالجة هذا النزاع، عبر الانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق المبادرة الخلاقة.

وقال اسويح إن اللحظة المفصلية كانت سنة 2007، عندما أطلق المغرب مبادرة الحكم الذاتي، وهي خطوة وصفها بـ”التحول الاستراتيجي”، لأنها لم تقدم فقط تصورا واقعيا لحل النزاع، بل فرضت أجندة سياسية جديدة على المنتظم الدولي، وأعادت ضبط النقاش الأممي على أسس براغماتية، بعيدا عن المناورات الأيديولوجية التي رافقت خطة التسوية الأممية في التسعينيات.

واعتبر أن الجمود الذي ساد مسلسل التسوية قبل 2007، كان ناتجا عن فشل المقاربات السابقة في فهم طبيعة النزاع، خصوصا بعد سقوط اتفاق الإطار الذي اقترحه المبعوث الأممي جيمس بيكر، وهو ما دفع المغرب إلى إمساك زمام المبادرة، واستباق الحلول الجاهزة عبر طرح نموذج متقدم لحكم ذاتي تحت السيادة المغربية، يراعي الخصوصيات المحلية، ويقطع الطريق على منطق التقسيم أو الانفصال.

وأضاف اسويح أن هذه المبادرة جاءت في سياق إقليمي ودولي معقد، لكن الدبلوماسية الملكية التي قادها محمد السادس، استطاعت أن تحدث اختراقات نوعية في عدد من العواصم الكبرى، ما أدى إلى تحولات جوهرية في مواقف دول محورية. ويكفي التذكير – على حد تعبيره – بأن أكثر من 110 دولة عبرت بشكل صريح عن دعمها للمبادرة المغربية، من بينها قوى عظمى كأمريكا وفرنسا وإسبانيا، وهو رقم يعكس حجم الانقلاب في ميزان الدعم الدولي.

ولفت إلى أن العمل الدبلوماسي لم يكن مقتصرا على تحركات وزارية أو بيانات رسمية، بل كانت هناك رؤية استراتيجية شاملة، تتجلى في عودة المغرب القوية إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، بعد عقود من سياسة “الكرسي الفارغ”، وهي العودة التي مهدت لإعادة التموقع داخل أجهزة صنع القرار القاري، وتحييد الاتحاد كمجالٍ للتلاعب من قبل خصوم الوحدة الترابية.

من زاوية ميدانية، أبرز اسويح أن المشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب في الأقاليم الجنوبية، ضمن النموذج التنموي الجديد الذي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس سنة 2015، منحت بعدا إنتاجيا استراتيجيا للصحراء. فحسب قوله، لم تعد الأقاليم الجنوبية تدار فقط كقضية سياسية، بل باتت فاعلا جيو-اقتصاديا داخل القارة، وهو ما تعكسه المشاريع الطاقية، والبنية التحتية المينائية، والربط القاري بمشروع أنبوب الغاز مع نيجيريا.

ويرى الخبير الصحراوي أن هذا التموقع لا يخدم فقط منطق الاستثمار، بل يعزز واقعية الحل المغربي أمام المجتمع الدولي، باعتباره مشروعا قابلا للتنزيل وليس مجرد رؤية تفاوضية. وهو ما يفسر – في رأيه – التحولات التي شهدتها قرارات مجلس الأمن خلال العقدين الأخيرين، والتي تدرجت من التنصيص على “حل سياسي” إلى التأكيد على “حل واقعي، دائم، ومقبول من الأطراف”.

وفي معرض تقييمه لدور المؤسسات، توقف اسويح عند لحظة إعادة تشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس) سنة 2006، معتبرا أنها لحظة تأسيسية لمأسسة صوت الصحراويين داخل بنية الدولة. فالمجلس، في نظره، ليس فقط إطارا تشاوريا، بل واجهة سياسية ومجتمعية تعكس التحول العميق في مقاربة الدولة للمجال الصحراوي، من التسيير المركزي إلى الانخراط المحلي.

وفي ختام تصريحه لجريدة “كابريس”،ض شدد اسويح على أن التراكمات التي حققها المغرب طيلة 26 سنة من حكم محمد السادس، أربكت خطاب الجزائرض والبوليساريو، اللذين ما زالا يشتغلان بمنطق الحرب الباردة، ويعجزان عن مواكبة التحول الجيو-استراتيجي الذي فرضته الرباط. وأشار إلى أن المبادرة الملكية الأطلسية الموجهة نحو دول الساحل، ستعزز أكثر من موقع المغرب كقوة استقرار وتنمية، مقابل انسداد الأفق لدى الأطروحة الانفصالية، وانحسار الدعم السياسي والمالي الموجه إليها.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News