في ليلة الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، نفذت إسرائيل غارة جوية مباغتة على العاصمة القطرية الدوحة، مستهدفة مقراً كان يقيم فيه عدد من قادة حركة حماس. وأسفر الهجوم عن مقتل خمسة أشخاص من بينهم همام الحيّة نجل القيادي البارز خليل الحيّة، وجهاد لاباد مدير مكتبه، إضافة إلى ثلاثة من الحراس الشخصيين: عبد الله عبد الوهاب، مؤمن حسونة، وأحمد المملوك. كما فقدت قطر أحد ضباطها الأمنيين، بدر سعد محمد الحميدي الدوسري، الذي كان يباشر مهامه في موقع القصف.
وبينما أكدت المصادر أن خليل الحيّة نفسه كان من أبرز المستهدفين لكنه نجا من الهجوم، فإن هذا التطور الخطير نقل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي إلى ساحة جديدة، فاتحاً الباب أمام ارتدادات سياسية وأمنية عميقة على مستوى الشرق الأوسط والخليج.
موقف قطر بعد الهجوم: صمود وسيادة
مع فشل الهجوم الإسرائيلي في تصفية قيادات حماس على الأراضي القطرية، أكدت الدوحة موقفها الحازم الذي يحافظ على سيادتها وأمنها، مؤكدة أن أي محاولة للضغط عليها لتسليم القيادات الفلسطينية لن تُقابل إلا بالرفض التام.
وأكدت المصادر القطرية أن الأجهزة الأمنية والدفاع المدني تحركت فور وقوع الهجوم، فيما بدأت الدوحة مباشرة التحرك الدبلوماسي العاجل لإبلاغ المجتمع الدولي بخطورة العملية. هذا الموقف يظهر أن قطر ليست مجرد ساحة للصراع، بل لاعب محوري ودبلوماسي مستقل قادر على مواجهة الضغوط الإسرائيلية والحفاظ على دورها الوسيط في النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي.
التحرك الدولي ومجلس الأمن
في أعقاب الهجوم، سارعت الدوحة إلى توجيه رسالة عاجلة لمجلس الأمن عبر مندوبتها الدائمة لدى الأمم المتحدة، الشيخة علياء آل ثاني، مطالبة الأمين العام أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن لشهر سبتمبر بتسجيل الانتهاك الإسرائيلي كوثيقة رسمية.
وأكدت قطر في رسالتها أن الهجوم يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشراً لأمنها وسيادتها، مطالبة مجلس الأمن بالتحرك العاجل لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات. وتوضح هذه الخطوة أن قطر لا تكتفي بالرد الداخلي والأمني، بل تستخدم القنوات الدبلوماسية الدولية لإظهار موقفها الحازم وفرض حدود على إسرائيل، مؤكدة قدرتها على لعب دور الوسيط المستقل في النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي.
ضغوط بعد الفشل العسكري: إسرائيل تواجه قطر سياسياً
بعد فشل إسرائيل في تصفية قيادات حماس على الأراضي القطرية، حاولت تل أبيب تحويل الضربة إلى ورقة ضغط سياسي ودبلوماسي على الدوحة. فقد طالبت إسرائيل قطر بـ تسليم القيادات الفلسطينية المقيمة على أراضيها، محاولة بذلك تحييد الدور الوسيط الذي تلعبه الدوحة في النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي وإجبارها على اتخاذ مواقف تُرضي إسرائيل.
هذه الخطوة تعكس إدراك تل أبيب أن المواجهة لم تعد مقتصرة على الجانب العسكري، بل تمتد لتشمل المجال السياسي والدبلوماسي، حيث أصبحت قطر لاعباً محورياً في صياغة مواقف العالم العربي والغربي تجاه حماس والصراع الفلسطيني. وقد يشكل هذا الطلب ضغطاً إضافياً على الدوحة، التي تجد نفسها أمام تحديات مزدوجة: الحفاظ على أمنها وسيادتها، وفي الوقت ذاته الحفاظ على مصداقيتها كوسيط دولي قادر على إدارة النزاعات في المنطقة.
كما أن هذه التطورات قد تؤدي إلى تفاقم الاستقطاب الإقليمي، حيث ستزداد الانقسامات بين الدول الداعمة لمسار قطر الوسيط وتلك المنحازة لإسرائيل، ما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي ويعيد رسم التوازنات السياسية في الخليج والشرق الأوسط.
