مقال للرأي
بقلم: ذ.عز الدين العزوزي – الأمين العام للمنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة
ما تعرضت له الشابة إيمان في مدينة تازة، وما تتعرض له ضحايا مشابهات، ليس حادثاً فردياً أو مؤسفة عابرة، بل إشارة صارخة لفشل القوانين والمؤسسات في حماية النساء والأطفال من الانتهاكات الجسيمة. أن تُجبر فتاة على الزواج من مغتصبها، ثم تتعرض للعنف والإهانة، فهذا ليس فقط تعدياً على الجسد، بل انتهاك صارخ لكل حقوقها الإنسانية والاجتماعية.
الزواج من المغتصب هو جرح يتكرر عبر الزمن، حيث تستمر القوانين والتقاليد التي تسمح بتحويل الجريمة إلى علاقة “شرعية” بين الضحية وجلدها، في إنتاج مزيد من الضحايا وتعميق مأساة النساء. هذه الممارسة لا تهدد الضحية وحدها، بل تهدد المجتمع كله وتفضح هشاشة منظومة العدالة، وتحوّل القانون إلى أداة للإفلات من العقاب باسم الشرف والأعراف.
إيمان ليست حالة معزولة، بل مرآة لواقع قاتم، حيث كل ثغرة قانونية وكل تهاون من المؤسسات القانونية والأمنية يجعل النساء أكثر عرضة للانتهاك، ويترك المجال لاستمرار ثقافة الإفلات من العقاب. ما يحدث هنا ليس مجرد حادث فردي، بل مؤشر على عجز الدولة والمجتمع عن حماية أبنائهم وبناتهم.
اليوم، المطلوب أكثر من مجرد معالجة جروح الضحايا، بل إصلاح شامل للقوانين والتقاليد التي تسمح بتكرار هذه الجرائم. المطلوب تجريم زواج المغتصب بالمغتصبة نهائياً، محاسبة المسؤولين، وتعزيز الحماية القانونية والاجتماعية والنفسية للنساء. العدالة الحقيقية يجب أن تعيد للضحايا كرامتهم وتوقف دورة العنف المتكررة.
الزواج من المغتصب ليس مجرد عقد قانوني، بل سجن يكرّس الجريمة ويهدم الكرامة الإنسانية. إذا تُركت مثل هذه الممارسات دون مساءلة، فإن المجتمع يصبح شريكاً في الجريمة بالصمت واللامبالاة.
إن حقوق النساء ليست قابلة للمساومة، والجرح الذي يتركه الزواج القسري من المغتصب على حياة الضحايا لا يلتئم إلا بالعدالة الحقيقية، وبقوانين صارمة تحمي الأطفال والنساء، وتضع حداً لمسلسل الانتهاكات الذي طال أمده.