منير نافيع / كابريس
العيون، الجمعة 3 يناير 2025 –
في إطار التحولات الاجتماعية العميقة التي يشهدها المغرب، نظمت المحكمة الابتدائية بمدينة العيون مائدة مستديرة بعنوان “إصلاح مدونة الأسرة بين الثوابت والمتغيرات”، بالتعاون مع المكتبان المحليان لودادية موظفي العدل والنقابة الديمقراطية للعدل. الحدث، الذي جمع نخبة من القضاة والمحامين والحقوقيين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني ووزارة العدل، شهد أيضا حضور ممثلة المصالح الاجتماعية بقضاء الأسرة، لتكون جزءًا من هذا الحوار الوطني المهم.

افتتح اللقاء بتلاوة آيات من القرآن الكريم، إشارة إلى القيم الدينية التي تشكل الأساس في القضايا الأسرية بالمجتمع المغربي. النقاش الذي انطلق في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا، طغت عليه أسئلة محورية حول ضرورة إصلاح مدونة الأسرة بما يتماشى مع المتغيرات الاجتماعية المعاصرة دون التأثير على الثوابت الثقافية والدينية التي تحدد هوية الأسرة المغربية.
المداخلات تناولت قضايا ساخنة مثل المساواة بين الجنسين، وحماية حقوق المرأة والطفل، وتحديث المفاهيم المتعلقة بالوصاية والحضانة وتقسيم الممتلكات. النقاشات أظهرت تباينا بين المواقف: فمن جهة، دعا البعض إلى إصلاحات جذرية تتوافق مع التحولات الاجتماعية الحديثة، ومن جهة أخرى، حذر البعض من المساس بالقيم الثقافية والدينية الراسخة في المجتمع.

الممثلة المصالح الاجتماعية بقضاء الأسرة أكدت على ضرورة توفير حماية أكبر للطفل والمرأة في ظل التغيرات الاجتماعية التي تشهدها الأسر المغربية. كما شددت على أهمية تعزيز الدور الاجتماعي للمؤسسات القضائية في ضمان الحقوق الأساسية لجميع أفراد الأسرة، مشيرة إلى أن القوانين الجديدة يجب أن تضمن موازنة دقيقة بين حقوق جميع الأطراف المعنية.
اللقاء كان أيضا فرصة لتأكيد أهمية إشراك مختلف الفاعلين في عملية الإصلاح، من قضاة، محامين، جمعيات حقوقية، بالإضافة إلى الهيئات الدينية والمؤسسات الاجتماعية، لضمان أن أي تعديل مستقبلي في المدونة يكون متوازنا ويأخذ في الاعتبار تطلعات المجتمع المغربي مع احترام مكوناته الثقافية.
في ختام النقاش، خرج المشاركون بعدة توصيات، أبرزها ضرورة مراجعة مواد الحضانة والوصاية بما يتماشى مع التحولات الاجتماعية، وزيادة حماية حقوق المرأة والطفل، فضلاً عن ضرورة الحفاظ على خصوصية النظام الأسري المغربي في مواجهة ضغوط العولمة والتحديث.
العيون، التي احتضنت هذا اللقاء المهم، أثبتت مرة أخرى أنها منصة حوارية وطنية مؤثرة، تساهم في صياغة مستقبل مدونة الأسرة المغربية. ومع أهمية هذه النقاشات، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذه التوصيات إلى خطوات عملية قادرة على تحقيق إصلاح شامل وعادل.
