رجال السلطة بين نار المسؤولية وتحديات فرض القانون

kapress27 مارس 2025آخر تحديث :
رجال السلطة بين نار المسؤولية وتحديات فرض القانون

بقلم: المصطفى العياش/كابريس

شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا في التوترات التي ترافق تنفيذ رجال السلطة لمهامهم، حيث يجدون أنفسهم في مواجهة مواقف معقدة تتجاوز الطابع القانوني إلى أبعاد اجتماعية ونفسية أعمق. فهل أصبحت المواجهة أمرًا حتميًا؟ أم أن هناك فجوة تحتاج إلى ردم بين الجهات المسؤولة والمواطنين؟

في قيادة سيدي موسى بن علي، كادت إحدى عمليات تنفيذ قرار إداري أن تنتهي بكارثة، بعد أن نشب خلاف حاد خلال محاولة هدم بناء غير قانوني، ما أدى إلى إصابة القائد بكسر خطير. هذا الحادث ليس الأول من نوعه، فقد شهدت مناطق أخرى مواجهات مشابهة خلال تنفيذ القوانين المنظمة لقطاع البناء والتعمير، خاصة في ظل غياب الوعي الكافي بالإجراءات الجديدة التي يفترض أن تسهل المساطر في الوسط القروي.

رغم إصدار وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة لدورية مشتركة تهدف إلى تبسيط إجراءات الترخيص بالبناء في المناطق القروية، إلا أن هذه الدورية لم تُفعَّل بعد وما زالت حبيسة الرفوف، مما يجعل الواقع على الأرض بعيدًا عن الإصلاحات التي تم الإعلان عنها. لا يزال المواطنون يواجهون نفس العراقيل الإدارية، ورجال السلطة يجدون أنفسهم في الخطوط الأمامية لفرض قوانين لم يتم تكييفها بعد مع المستجدات التي جاءت بها الدورية.

وفي هذا السياق، يبقى من الضروري رأب الصدع بين مختلف مكونات السلطة، خاصة عندما يتعلق الأمر بخلافات قد تؤثر على تنفيذ القانون وضمان الأمن العام. فالضابط والقائد، وغيرهما من رجال السلطة، يشكلون جزءًا من منظومة واحدة تهدف إلى حماية استقرار الدولة وخدمة المواطنين. لذا، فإن أي توتر داخلي ينبغي تجاوزه بروح المسؤولية والتنسيق، تفاديًا لأي تداعيات قد تعرقل سير العمل الإداري والأمني.

تشمل هذه الإجراءات غير المفعَّلة تحديد مدارات الدواوير غير المغطاة بوثائق التعمير، وتفعيل لجنة الاستثناءات للنظر في بعض الحالات الخاصة، وتقليل الوثائق الإدارية المطلوبة، إلى جانب تعزيز المساعدة المعمارية والتقنية. لكن على أرض الواقع، ما زالت الشروط المعقدة قائمة، وما زالت المواجهات تشتد عند تنفيذ قرارات الهدم، ما يعكس الحاجة الملحة إلى تفعيل هذه الإصلاحات بدل إبقائها حبراً على ورق.

في ظل هذا الوضع، يبقى رجال السلطة بين مطرقة تنفيذ القوانين وسندان مواجهة المواطنين الذين يجدون أنفسهم في وضعية قانونية غامضة. ومع استمرار غياب آليات واضحة لتطبيق الإصلاحات، تتفاقم حدة الاحتقان، حيث يعتبر بعض المواطنين أن التدخلات الإدارية تهدد مصالحهم، حتى وإن كانت تهدف في جوهرها إلى تنظيم المجال العمراني وضمان سلامة الساكنة.

لمعالجة هذه الإشكالية، لا بد من الإسراع في تفعيل الدورية ونقلها من مرحلة التنظير إلى التطبيق الفعلي. إن توفير المساعدة التقنية والمعمارية للمواطنين، كما نصت عليه الدورية، يمكن أن يساهم في تقليص حالات المواجهة، شريطة أن يتم تنفيذها على أرض الواقع وليس الاكتفاء بالإعلان عنها. كما أن حماية رجال السلطة أثناء أداء مهامهم يجب أن تكون أولوية، ليس فقط عبر الإطار القانوني، بل أيضًا من خلال توطيد جسور الثقة بين المواطنين والإدارة.

إن فرض النظام لا يجب أن يكون مجرد ممارسة سلطوية، بل عملية تفاعلية مبنية على الشفافية والتواصل المستمر. ومع وجود إصلاحات جاهزة لكنها غير مفعلة، فإن التأخير في تطبيقها لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات وإطالة أمد النزاعات. الحل يكمن في التنفيذ الفوري لهذه الإصلاحات، وإشراك جميع الأطراف لضمان تحقيق العدالة والتوازن بين سلطة القانون وحقوق الأفراد.


بهذا الشكل، تم إدخال الفقرة بسلاسة بعد الحديث عن عدم تفعيل الدورية، بحيث تربط بين التحديات الميدانية والحاجة إلى وحدة الصف بين رجال السلطة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة