المصطفى العياش – سكرتير تحرير كابريس
في لحظة مفصلية من تحولات الجغرافيا السياسية، غادر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الأستاذ إدريس لشكر، مرفوقًا بعضوة المكتب السياسي فتيحة سداس، أرض الوطن في اتجاه جمهورية الهند، للمشاركة في مؤتمر التحالف التقدمي العالمي المنعقد بمدينة حيدر أباد ما بين 23 و26 أبريل 2025، تحت شعار معبّر: “من أجل عدالة عالمية”.
مؤتمر ينعقد في ظل تصدعات كبرى تطبع النظام العالمي، من اختلالات الحوكمة، إلى التفاوتات المناخية، مرورًا بصعود الشعبويات الرقمية، ليجد الجنوب نفسه، مجددًا، مطالبًا بإعادة طرح سؤاله الجوهري: أين نحن من القرار الدولي؟ وهنا، يعلو صوت المغرب التقدمي، ممثلاً في وفد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في مرافعة باسم الجنوب… ومن أجله.
وفود وازنة ترسم ملامح بديل عالمي
المؤتمر الذي تحتضنه مدينة حيدر أباد، يحضره أكثر من 200 قيادة سياسية ونقابية ومدنية من 50 دولة عبر القارات الخمس، من أبرزها وفود من أحزاب اشتراكية حاكمة في دول بأمريكا الجنوبية (كالبرازيل والأرجنتين)، وممثلون عن التيار الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا، إلى جانب شخصيات بارزة من النقابات الإفريقية ومنظمات العدالة المناخية في آسيا.
هذا التنوع الجغرافي والسياسي يمنح المؤتمر ثقلاً خاصًا، ويُحوّله إلى منصة دولية بديلة تُراهن على التعددية والعدالة المناخية والاجتماعية، وترفض الانزياح نحو النزعة الانعزالية التي بدأت تطبع السياسات العالمية بعد جائحة كوفيد-19.
لشكر في منصة العالم: من الجنوب وإليه
تُنتظر مداخلة الكاتب الأول للحزب، الأستاذ إدريس لشكر، ضمن الجلسات العامة للمؤتمر، مرافعة فكرية وسياسية للدفاع عن تمكين دول الجنوب من موقع عادل داخل منظومة القرار الدولي، مع التشديد على إصلاح بنية الحوكمة العالمية، وخاصة مجلس الأمن ومنظومة الأمم المتحدة، حتى تُصبح أداة للعدالة لا مطية لموازين القوة.
كما سيسلط الوفد المغربي الضوء على النموذج الوطني في التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية وتمكين المرأة، باعتباره تجربة صاعدة من الجنوب، تستحق أن تكون فاعلاً في إعادة تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، قائم على التضامن والتوازن.
دبلوماسية حزبية… بخلفية استراتيجية
بعيدًا عن الخُطب، يُرتقب أن يُجري الوفد الاتحادي سلسلة لقاءات ثنائية مع قيادات من أمريكا الجنوبية وأوروبا وإفريقيا، في محاولة لتقوية أواصر التنسيق بين التيارات التقدمية، وتشكيل جبهة اشتراكية عالمية قادرة على تقديم بدائل للنيوليبرالية المنفلتة، ومواجهة الأزمات المناخية والاجتماعية بضمانات تضامنية عادلة.
هي دبلوماسية حزبية موازية، تحمل بُعدًا استراتيجيًا، وتُترجم رغبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الانخراط النشيط داخل الفضاءات الدولية، دفاعًا عن القضايا الوطنية من جهة، ومن جهة ثانية، إحياءً لروح التقدمية الأممية التي آمن بها رموز الحزب منذ عقود.
فتيحة سداس: صوت نسائي في قلب المرافعة التقدمية
ويمثّل الحضور النسائي داخل الوفد المغربي أحد أبرز تجليات الرؤية الشمولية للعدالة، حيث تشارك فتيحة سداس، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى جانب فاعلات من منظمات نسائية وحقوقية، في ورشات العدالة البيئية والمساواة بين الجنسين، ضمن مسعى جماعي لوقف التراجعات المقلقة في حقوق النساء عالميًا، وطرح ميزانيات تراعي النوع الاجتماعي كرافعة لعدالة اجتماعية منصفة وشاملة.
وتجدر الإشارة إلى أن فتيحة سداس، فضلاً عن كونها عضوة في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، فهي أيضًا عضوة منتخبة في رئاسة التحالف التقدمي، وهو ما يمنح مشاركتها في هذا المؤتمر بعدًا إضافيًا. فإلى جانب حضورها في مختلف فعاليات المؤتمر، يرتقب أن تشارك في اجتماع رئاسة التحالف إلى جانب الأستاذ إدريس لشكر، بصفته قائد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أحد الأحزاب المؤسسة للتحالف التقدمي بألمانيا سنة 2013، ما يعكس امتداد الحضور الاتحادي في بنيات القرار داخل هذا الفضاء التقدمي العالمي.
نحو إعلان حيدر أباد 2025: ميثاق جديد للعالم؟
المؤتمر، الذي يراهن على بلورة إعلان ختامي بمثابة مرجعية جديدة للعدالة الكونية، يمنح للجنوب دورًا مركزيًا في صياغة مستقبل متعدد الأقطاب. ووفق مصادر متابعة، فإن الوفد المغربي مرشّح للعب دور محوري في صياغة هذا الإعلان، خصوصًا في ظل التقدير الذي يحظى به على مستوى المحافل التقدمية الدولية، لكونه يعكس وجهًا من أوجه مغرب معتدل، منفتح، ومتشبث بخيار العدالة الاجتماعية.