المصطفى العياش – سكرتير تحرير جريدة كابريس
تعيش مدينة الدار البيضاء، منذ صباح يومه الخميس 25 أبريل 2025، على إيقاع مناظرة جهوية رفيعة المستوى، تتمحور حول موضوع “التشجيع الرياضي ورهانات التنمية المحلية”، وذلك بمبادرة من فعاليات جمعوية ورياضية ومؤسساتية، في سياق وطني يتجه نحو إعادة الاعتبار للرياضة كمحرك للتنمية الشاملة، وقاطرة لترسيخ قيم المواطنة.
وتنعقد هذه المناظرة بحضور والي جهة الدار البيضاء–سطات، إلى جانب عمال العمالات التابعة للجهة، وبرلمانيي الدار البيضاء، ورؤساء الجماعات والمقاطعات، ما منح اللقاء بُعداً مؤسساتياً قوياً يعكس الاهتمام المتزايد بالتحولات التي يعرفها المشهد الرياضي المغربي.
وسُجل ضمن الحضور البرلماني كل من الدكتور عبد الإله امهدي، النائب البرلماني عن عمالة مولاي رشيد، والسيد أحمد بريجة، النائب البرلماني عن عمالة البرنوصي، إلى جانب عدد من الفاعلين السياسيين والجمعويين المهتمين بالشأن الرياضي.
وفي تصريح لجريدة كابريس، قال دكتور عبد الإله امهدي:
“الرهان على المقاربة الأمنية وحدها لا يكفي للحد من مظاهر الشغب بالملاعب، لأن الإشكال أعمق ويتعلق بغياب التأطير والتكوين منذ الصغر. نحن اليوم في حاجة إلى رؤية شمولية تُشرك الفاعل التربوي، والإعلامي، والجمعوي، إلى جانب الأجهزة الأمنية، حتى نعيد للتشجيع الرياضي قيمته النبيلة، كرافعة للوحدة لا للانقسام.”
وأضاف:
“نحن بصدد بناء مناخ رياضي مستدام، يرتكز على ثقافة التشجيع الإيجابي والمسؤول. الرياضة يجب أن تكون عاملاً معززاً للتضامن المجتمعي، والتلاحم الوطني، بعيداً عن كل مظاهر التعصب والعنف.”
وقد تمحورت المداخلات الأولى حول مجموعة من النقاط الجوهرية، أبرزها: الإطار القانوني للتشجيع الرياضي، أدوار الإعلام في توجيه الجماهير، سبل التصدي لظاهرة الشغب، وآفاق إشراك المجتمع المدني في تأطير المشجعين. وتم التأكيد، خلال النقاشات، على أهمية تجاوز المقاربة الزجرية، واعتماد مقاربات بيداغوجية وثقافية ترسّخ قيم الروح الرياضية والانتماء الإيجابي، وتحول الفضاءات الرياضية إلى ساحات للتلاحم المجتمعي.
كما شدد المشاركون على ضرورة إحداث مجالس جهوية للتشجيع الرياضي، وإدماج برامج تأطيرية داخل المؤسسات التعليمية، مع دعم الجمعيات المتخصصة في تأطير الجماهير، خاصة في جهة الدار البيضاء–سطات التي تُعد من أغنى الجهات من حيث القاعدة الجماهيرية وتاريخ الأندية.
وفي هذا السياق، تم التذكير بأن المغرب مقبل على محطات دولية بارزة، أبرزها تنظيم كأس العالم 2030، ما يستدعي تعبئة جماعية لتأهيل التشجيع الرياضي وضمان مساهمة نوعية للجماهير في إنجاح هذه التظاهرة العالمية.
وتأتي هذه المناظرة أيضاً في تقاطع واضح مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الداعية إلى جعل الرياضة رافعة للتنمية البشرية والاجتماعية، ومجالاً لتعزيز الروابط بين مكونات المجتمع.
وقد تميز اللقاء بحضور اللاعب الدولي السابق عبد الكريم ميري الملقب بكريمو، الذي أدلى بشهادات حية حول تاريخ الكرة المغربية، خاصة منذ التتويج بكأس إفريقيا سنة 1976، مسلطاً الضوء على دور الجماهير في تلك الحقبة الذهبية.
وسنوافي قراءنا لاحقاً بتفاصيل مخرجات المناظرة، والتوصيات النهائية التي سترفع إلى الجهات المختصة لاعتمادها ضمن رؤية وطنية شاملة لتأهيل التشجيع الرياضي.