منير نافيع / كابريس
تستعد مدينة طانطان، إحدى أبرز الوجهات الثقافية في المغرب، لاستقبال الزوار في الدورة الثامنة عشر من “موسم طانطان”، الذي سيُقام في الفترة الممتدة من 14 إلى 18 مايو 2025. يعتبر هذا الحدث، الذي يعود إلى أصوله في منتصف القرن الماضي، واحدا من أكبر وأهم التظاهرات الثقافية التي تحتفل بالتراث الصحراوي الغني وتُعزز الهوية الثقافية المغربية، وينتظر أن يجذب الآلاف من الزوار سواء من داخل المغرب أو خارجه.
يمثل موسم طانطان، أكثر من مجرد احتفال سنوي؛ إنه منصة حية للاحتفاء بتقاليد وعادات الصحراء المغربية. خلال الأيام الخمسة، ستتجسد روح التراث الصحراوي في كل زاوية من المدينة. سيتعرف الزوار على العديد من العروض الثقافية والفنية، مثل الرقصات التقليدية، الأهازيج الصحراوية، وورش العمل الحرفية التي تعكس إبداع الصحراويين في فنونهم اليدوية من صناعة الفخار، والنسيج، والخزف، والمجوهرات التقليدية.
واحدة من أبرز الفعاليات هذا العام هي مسابقة “الجمال الصحراوي” التي تشارك فيها خيول من سلالات محلية، إضافة إلى العروض المبهرة للفروسية، التي تبرز تاريخ العلاقة الوثيقة بين الإنسان والصحراء. ولا تقتصر الفعاليات على الحرف اليدوية والأنشطة التقليدية، بل تشمل أيضا عروضا موسيقية وفنية لفرق محلية ودولية، مما يعكس غنى التنوع الثقافي للمنطقة.
لا يعد موسم طانطان مجرد عرض ثقافي، بل هو أيضًا فرصة للتبادل الثقافي بين الأجيال المختلفة. حيث يشكل هذا الحدث منتدى للقاء بين الشباب وكبار السن، مما يعزز من انتقال المعارف والخبرات الثقافية والحرفية بين الأجيال.
ومن جهة أخرى، يعد الموسم فرصة للباحثين والفنانين والمهتمين بالتاريخ والثقافة لاستكشاف وتوثيق ملامح حياة الصحراء، وتحقيق فهم أعمق لعادات وتقاليد هذا الجزء الفريد من المغرب. سيتاح للزوار فرصة التواصل مع الحرفيين المحليين وشراء منتجاتهم، مما يعزز من الحفاظ على التراث وتوفير دعم اقتصادي مباشر للمجتمعات الصحراوية.
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها العديد من المناطق المغربية، يعد موسم طانطان من أبرز العوامل المساهمة في تعزيز السياحة الثقافية في جنوب المغرب. خلال هذا الحدث، تتعزز الحركة السياحية، ليس فقط من حيث أعداد الزوار، بل أيضا من حيث الاستثمار في المشاريع السياحية والبنية التحتية التي تدعمها السلطات المحلية.
السياحة الصحراوية في طانطان باتت تمتد لتشمل أنواعا متنوعة من السياحة، مثل سياحة المغامرة، والرياضات الصحراوية، فضلا عن الرحلات التي تظهر التنوع الطبيعي للمنطقة مثل الكثبان الرملية والشواطئ الممتدة.
ينتظر أن يشهد موسم طانطان لهذا العام حضورا واسعا من مختلف البلدان العربية والدولية، حيث سيشارك فنانين وصحفيين ومهتمين من مختلف أنحاء العالم. يعكس هذا الحدث اهتماما متزايدا بالثقافة الصحراوية المغربية من قبل الجمهور الدولي، وهو ما يساهم في تعزيز صورة طانطان كوجهة ثقافية عالمية.
ويعتبر الموسم أيضا منصة للتفاعل بين مختلف الثقافات والشعوب، مما يفتح المجال أمام استكشاف التقاليد الصحراوية في سياق معاصر ومواءمة الماضي بالحاضر، مع التركيز على الاستدامة وحماية البيئة.
يظل موسم طانطان حدثا يعكس التنوع الثقافي الذي يميز المغرب، فهو لا يحتفل فقط بالثقافة الصحراوية، بل يعزز من الانتماء الوطني، ويجسد تلاحم مختلف مكونات الشعب المغربي من خلال الاحتفاء بتراثه وثقافته في هذا الإطار الصحراوي الفريد. كما يعد الموسم فرصة للمجتمع المغربي ليتجدد في كل عام بالاحتفال بالماضي والتطلع إلى المستقبل.
من خلال الفعاليات المتنوعة، لا يعكس موسم طانطان التراث الصحراوي فقط، بل يشكل ساحة لتجديد التأكيد على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في مواجهة تحديات العصر.