منير نافيع / كابريس
في خطوة فاجأت المتابعين وخلفت موجة استياء داخل الأوساط الرياضية، تم استبعاد اللاعبة نادية زاعور، إحدى أبرز عناصر النادي البلدي النسوي لكرة القدم، من قائمة الفريق المشاركة في نصف نهائي كأس العرش. القرار لم يتوقف عند الإقصاء الفني، بل تضمن أيضا طرد اللاعبة من معسكر الفريق ومنعها من حضور المباراة حتى من المدرجات، في سلوك وصفه كثيرون بالجارح وغير المبرر.
جاء هذا التصعيد في أعقاب خلاف شخصي بين المدرب واللاعبة الصحراوية، وهو خلاف – مهما بلغت حدته – لا يُمكن أن يبرر إبعاد لاعبة من مباراة مصيرية تعتبر من أهم محطات الموسم، خاصة قبل ساعات قليلة فقط من انطلاقها. النتيجة كانت حرمان نادية من فرصة ثمينة للظهور أمام جمهور واسع ومنصات إعلامية، وما صاحب ذلك من أثر نفسي بالغ على اللاعبة وعائلتها التي كانت تنتظر لحظة فخر تاريخية.
لكن الأكثر إيلاما من الإقصاء التقني، هو التعامل الإداري مع الوضع. فقد تم التعامل مع الخلاف وكأنه قضية تستوجب العقاب، لا خلافا إنسانيا يستدعي الحوار والاحتواء. فبدل اعتماد مبدأ التدرج في اتخاذ القرار، أو منح فسحة للحوار، اختير الحل الأسهل والأقصى: الإقصاء والعزل.
ويبدو أن القرار لم يأخذ في الاعتبار مسار نادية داخل الفريق، أو التزامها رغم ما عرض عليها من فرص خارجية. بل تم التعامل معها كعبء يجب التخلص منه في لحظة توتر، لا كعنصر ساهم في صناعة مجد النادي.
إن هذا الحادث يسلط الضوء مجددا على الحاجة المُلحّة لإرساء ثقافة احترام العلاقة بين الطاقم التقني واللاعبات، بما يضمن حفظ الكرامة قبل أي اعتبار آخر. فلا يعقل أن تتحول غرفة الملابس إلى ساحة تصفية حسابات، ولا أن يختزل مسار لاعبة واعدة في قرار فردي يفتقر للروح الرياضية.
إن ما حدث مع نادية زاعور يجب ألا يُطوى كحادثة عابرة. فالسكوت على قرارات من هذا النوع يُمهّد لمزيد من الانزلاقات مستقبلا. وعلى المؤسسات الرياضية أن تدرك أن دورها لا يقتصر على تحقيق النتائج، بل يشمل أيضا ضمان بيئة سليمة تُصان فيها الحقوق، وتُحترم فيها إنسانية اللاعبات.
نادية زاعور لم تخسر مباراة فقط، بل خُذلت في لحظة كانت فيها أحوج ما تكون إلى الدعم. وما جرى ليس مجرد سوء تدبير، بل صفعة أخلاقية تتطلب وقفة مراجعة، لا مجرد تبرير.
فالرياضة، إن لم تكن منصفة، تفقد معناها الحقيقي.
