متابعة: المصطفى العياش ــ خالد بدري
اندلع حريق مهول، الإثنين 19 ماي 2025، بمستودع للمتلاشيات بجماعة الشلالات، التابعة ترابياً لعمالة المحمدية، ما خلّف خسائر مادية كبيرة دون تسجيل أي إصابات بشرية، بحسب المعطيات المتوفرة إلى حدود الساعة.
ووفق مصادر محلية، فإن المعطيات الأولية تشير إلى أن الحريق نجم عن احتراق بطارية إحدى السيارات، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية لتحديد الأسباب الحقيقية وراء اندلاع النيران.
نار المتلاشيات تكشف عيوب اليقظة المجالية
ما وقع في الشلالات ليس حادثاً عرضياً، بل نموذج متكرر لفوضى صامتة تتغذى من غياب التخطيط المحكم وتواطؤ الصمت. مستودعات الخردة والمتلاشيات، بما تحمله من مواد قابلة للاشتعال والانفجار، تتكاثر داخل الهوامش وخارج المراقبة، في ظل تساهل إداري واضح، وضعف التنسيق بين المتدخلين.

إنها بؤر مرشحة للاشتعال في كل لحظة، لا تميز بين ليل أو نهار، ولا بين صيف أو شتاء، لأن اشتعالها لا يرتبط بالطقس بل بإهمال بشري مزمن.
في هذا السياق، تتزايد المخاوف أيضاً من انتشار مستودعات الغاز المسيل للدموع و”البوطات” في المناطق السكنية، كما هو الحال في جماعة الشلالات. هذه المواد، التي تستخدم عادة في عمليات الأمن، أصبحت تشكل خطراً إضافياً لما تحويه من غازات قابلة للاشتعال والانفجار، خاصة حين تخزن في ظروف غير آمنة وبالقرب من السكن.
استحقاقات كبرى على الأبواب.. لا مكان للخطأ
مع اقتراب استضافة البلاد لكأس إفريقيا للأمم 2025، والاستعدادات الجارية لكأس العالم 2030، فإن أي تقصير في تفعيل آليات اليقظة الأمنية والبيئية يشكل تهديداً مباشراً لصورة الوطن ولأمن المواطنين.

المناسبات الرياضية الكبرى تفرض تقيداً صارماً بأعلى معايير السلامة، وتنقية المجال الحضري من كل عوامل الخطر، لتفادي أزمات أو حوادث قد تعرقل التنظيم وتؤثر سلباً على سمعة البلاد أمام الوفود الدولية.
التوجيهات الملكية في 2025.. أوامر واضحة لحماية المواطن والمجال
في هذا السياق، لا يمكن تجاهل التعليمات الملكية الصارمة التي صدرت خلال سنة 2025، والتي تعطي الأولوية القصوى لتجهيز الجهات بالبنية التحتية الضرورية للتصدي للكوارث والحوادث الطارئة.
هذه التوجيهات تمثل دعوة صريحة لجميع المسؤولين من أجل الالتزام الكامل بمسؤولياتهم، وتفعيل المراقبة الحازمة، وتحميل كل مقصر تبعات الإهمال. فالأحداث المتكررة كالتي شهدتها الشلالات ليست فقط قضايا أمنية أو ميدانية، بل هي صورة حية تعكس نقاط ضعف في المنظومة الإدارية والرقابية.
من يزرع مستودعات الخطر.. من يتحمل المسؤولية؟
في ظل هذه التوجيهات، يبقى السؤال الحاسم: من يتحمل مسؤولية السماح بإنشاء مستودعات خطيرة في أماكن حساسة مثل الشلالات؟
هل هي السلطات المحلية التي تغض الطرف، أم الجهات المكلفة بالرقابة البيئية، أم مستثمرون غير مسؤولين؟ المحاسبة العاجلة ضرورة لإصلاح هذه الثغرات قبل وقوع كوارث أكبر.
نداء حاسم: لا تهاون مع خطر مستودعات المتلاشيات
الحريق طرح أكثر من علامة استفهام حول منظومة الترخيص والمراقبة المحلية التي تسمح بوجود هذه المخازن، خصوصاً في فضاءات لا تخلو من سكان وأحياء سكنية. من المسؤول عن إصدار التراخيص؟ وكيف تتم متابعة تطبيق شروط السلامة؟ وهل هناك تنسيق فعلي بين السلطات المختصة لمنع تراكم المواد القابلة للاشتعال وسط المناطق المأهولة؟
هذا التساؤل يبرز ضرورة مراجعة أدوار الرقابة وتحسين آليات التدخل قبل وقوع الكوارث، بدلاً من الاكتفاء بالإجراءات الاستعجالية بعد اندلاعها.

فمع التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد على مستوى الأمن والسلامة، خاصة في ظل الاستعدادات الرياضية الكبرى، فإن الوقت قد حان لتحمل المسؤولية من الجميع.
ندعو الجهات المعنية إلى تعزيز الرقابة وتفعيل القوانين بحزم، وإلى وضع حد نهائي لانتشار مستودعات الخطورة التي تهدد حياة المواطنين وتعرض المحيط للخطر.
المحاسبة الصارمة واجبة لكل من يثبت تقصيره، حفاظاً على السلامة العامة وصورة الوطن أمام العالم.
في قلب الحريق… نداء الوطن
نداء من جريدة “كابريس”
لا تتركوا النار تجد طريقها من جديد
في أعقاب الحريق المهول الذي شهدته جماعة الشلالات، تدق “كابريس” ناقوس الخطر، وتوجه نداءً وطنياً عاجلاً إلى السلطات والمؤسسات المعنية، بضرورة وقف فوضى مستودعات الخطر التي تتكاثر في صمت، وتهدد الأرواح والممتلكات.
إن ما وقع ليس حادثاً عرضياً، بل تجسيد صارخ لاختلالات الرقابة، وضعف التتبع، وغياب التنسيق، وهو ما لم يعد مقبولاً في بلد يستعد لاحتضان كبريات التظاهرات العالمية.
جريدة “كابريس” تطالب بما يلي:
إطلاق جرد وطني شامل لكل المستودعات التي تنطوي على مخاطر محتملة.
تفعيل المراقبة الميدانية والتفتيش الصارم بشكل منتظم.
محاسبة كل من ثبت تقصيره أو تستره أو تواطؤه مع واقع الفوضى.
اعتماد التوجيهات الملكية لسنة 2025 كمرجعية إلزامية لكل السياسات الوقائية.
لأن أرواح المواطنين ليست هامشاً، ولأن صورة الوطن أمام العالم مسؤولية جماعية، فإن “كابريس” تعتبر هذا النداء وثيقة ضمير حي، ومسؤولية صحفية لن تتخلى عنها.
المقال من إعداد المصطفى العياش ــ خالد بدري، في إطار متابعة تطورات السلامة المجالية وتأهيل البنية الوقائية قبيل الاستحقاقات الرياضية الكبرى.
