منير نافيع /كابريس
لا يزال الغموض يلف واحدا من أكثر الملفات الاجتماعية حساسية بمدينة العيون: اختفاء أزيد من 120 بطاقة إنعاش وطني، دون أي توضيح أو بلاغ رسمي من المندوبية المعنية. اختفاء يثير تساؤلات مشروعة، بل ويغذي شكوكا متزايدة حول وجود تلاعبات مفضوحة في هذا القطاع، الذي تحوّل – على ما يبدو – إلى مزرعة مغلقة تدار خارج كل قواعد الشفافية والمسؤولية.
أين ذهبت هذه البطاقات؟ من يستفيد منها اليوم؟ وما مصير تلك التي كانت ممنوحة لأشخاص وافتهم المنية؟ ولماذا يتم سحبها في صمت وكأنها ملكية شخصية وليست جزءا من مال عام؟ الأسئلة تتكاثر، والإدارة صمّاء.
في وقت كان يفترض فيه أن تخرج المندوبية عن صمتها لتوضح للرأي العام ما يجري، فضلت الاحتماء بجدران الصمت، وترك المواطن البسيط فريسة للإشاعات والتأويلات. هذا السلوك الإداري المتعالي ليس فقط استخفافا بعقول الناس، بل هو تواطؤ صريح مع العبث.
إن بطاقات الإنعاش ليست هبة ولا منة من أحد. هي جزء من تعاقد اجتماعي مفترض بين الدولة ومواطنيها، ووسيلة دعم لفئات مسحوقة لا تملك من أمرها شيئا. العبث بها أو تحويلها إلى ريع موزع بين المحظوظين، هو خيانة للثقة وضرب صارخ لمبدأ العدالة الاجتماعية.
وإن كان بعض المسؤولين يعتقدون أن بإمكانهم مواصلة إدارة هذا الملف في الظل، فعليهم أن يدركوا أن زمن “السكوت مقابل الفتات” قد ولى. فالرأي العام اليوم أكثر وعيا، وأكثر جرأة على طرح الأسئلة الصعبة، ولن يقبل بأن تدار مقدراته بعقلية “التعتيم والتوزيع الانتقائي”.
على المندوبية أن تُخرج رأسها من الرمال، وتقدم بيانا رسميا بالأرقام والمعطيات، تُوضح فيه: من سحبت منه البطاقات؟ ولماذا؟ ولمن أُعيد توزيعها؟ وإن لم تفعل، فهي تدين نفسها بنفسها، وتتحمل تبعات هذا التواطؤ المفضوح.
الكرة في ملعب الإدارة… فإما الشفافية، وإما فضيحة لن يغلق ملفها بسهولة.