هل قرّرت إسرائيل الحرب لأن إيران كانت على بُعد أسبوع من القنبلة النووية؟

kapress17 يونيو 2025آخر تحديث :
هل قرّرت إسرائيل الحرب لأن إيران كانت على بُعد أسبوع من القنبلة النووية؟

متابعة: المصطفى العياش– خالد بدري – محمد العياش (زنيبر)/ كابريس

نواصل متابعة التطورات الساخنة في الساحة الدولية، مع تحليل معمق ومستند إلى مصادر وتقارير موثوقة، لنكشف خلفيات الأحداث ونرصد تداعياتها على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.

في تصعيد غير مسبوق، اختارت إسرائيل اللحظة الحرجة لتوجيه ضربات عسكرية وُصفت بالدقيقة والواسعة ضد أهداف إيرانية، في وقت تتعالى فيه أصوات تقول إن الدافع الحقيقي وراء هذا الهجوم هو وصول إيران إلى عتبة “أسبوع واحد فقط” من امتلاك سلاح نووي جاهز. فرضيةٌ خطيرة إن صحّت، لأنها تعني أن المنطقة كانت – وربما لا تزال – على شفا زلزال جيوسياسي قد يُغيّر وجه الشرق الأوسط لعقود.

“أسبوع الحسم النووي”: معطى استخباراتي أم ذريعة سياسية؟

تفيد مصادر غربية وإسرائيلية متقاطعة أن إيران بلغت فعلاً مستويات تخصيب لليورانيوم تقترب من 90%، أي النسبة التقنية اللازمة لصناعة قنبلة نووية. والأخطر أن تقارير استخباراتية تتحدث عن تحركات داخل إيران تتعلّق بتركيب أنظمة تفجير وتوجيه للرؤوس الحربية، ما اعتبرته تل أبيب “الدقيقة الأخيرة قبل فوات الأوان”.

وبين من يراها معلومة موثوقة ومن يعتبرها ذريعة لتبرير عمل عسكري، يبقى الثابت أن إسرائيل اختارت الهجوم لأنها لم تعد ترى الوقت حليفاً لها.

القرار الإسرائيلي: متى تتحوّل المعلومة إلى صاروخ؟

داخل إسرائيل، لم يكن اتخاذ قرار الحرب سهلاً. فقد خضعت المعلومات الاستخباراتية لتدقيق داخلي مشدد، قبل أن تُطرح على طاولة القرار السياسي والعسكري. ما رجّح كفة التدخل العسكري هو شعور القيادات بأن إيران تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وبأن الرهان على العقوبات الدولية أو مفاوضات فيينا بات خياراً عبثياً.

وبالتالي، تحرّكت إسرائيل وفق ما يُعرف بـ”عقيدة بيغن”، التي تنص على منع أي عدو محتمل من امتلاك قدرة نووية تهدد وجود الدولة العبرية، كما سبق أن فعلت مع العراق (1981) وسوريا (2007).

دخول ترامب: نذير تحوّل في مسار الحرب

جاءت المفاجأة الكبرى يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، حين صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب:

“نحن نعرف مكان المرشد الأعلى علي خامنئي… إنه هدف سهل، لكننا لن نستهدفه حالياً.”

لم تكن تلك الكلمات مجرد استعراض سياسي، بل تزامنت مع تعبئة عسكرية أمريكية لافتة:

إرسال حاملتي طائرات (USS Nimitz وCarl Vinson) إلى المنطقة.

تحليق أكثر من 40 طائرة مقاتلة نحو أوروبا والشرق الأوسط (F‑22 وF‑35).

رفع جاهزية القواعد الأمريكية في الخليج وشرق المتوسط.

ورغم تأكيدات البنتاغون على أن واشنطن لم تُشارك في الضربات الإسرائيلية، إلا أن الخطاب السياسي والعسكري الأمريكي بات أكثر ميلاً للتدخل، ولو جزئياً، عبر دعم لوجستي واستخباراتي واسع.

الموقف العربي: بين الخوف من إيران النووية وتفادي الانفجار

بمجرد أن اتّضح حجم التدخل الأمريكي، بدأت الدول العربية، وخصوصاً الخليجية، تعيد النظر في مواقفها الأولية. ففي حين كانت البيانات الأولى تدعو إلى “ضبط النفس”، فإن حسابات واقعية بدأت تتسلل إلى غرف القرار:

الخليج: ترى في إيران النووية تهديداً مباشراً، وقد ترتاح – في السر – لتقليص قدرتها عبر ضربة إسرائيلية مدعومة أمريكياً. لكن الخوف من اندلاع حرب شاملة يجعلها تُفضّل الدعم الصامت لا المعلن.

مصر والأردن: تسعيان إلى الحياد، لكنهما ترصدان الوضع عن كثب تحسباً لأي انعكاسات على أمن قناة السويس أو الحدود الشرقية.

دول شمال إفريقيا: كالمغرب والجزائر وتونس، تتابع التطورات بقلق، وتدعو إلى الحلول الدبلوماسية دون التدخل العسكري، بالنظر إلى بعدها الجغرافي عن بؤرة المواجهة.

المغرب… حكمة دبلوماسية في زمن الانفجار

في خضم هذا التصعيد المتسارع، برز الموقف المغربي كواحد من أكثر المواقف الإقليمية اتزانًا وذكاءً. فقد اختار المغرب التريث المدروس، مستندا إلى دبلوماسية الحوار والشرعية الدولية، دون أن ينجر إلى ردود أفعال متسرعة أو اصطفاف أعمى مع أي من أطراف النزاع.

ولئن عبّرت المملكة المغربية عن قلقها من التصعيد العسكري وأثره على استقرار المنطقة، فإنها في الآن ذاته لم تُخفِ تخوفها المشروع من تسلّح إيران نووياً، وهو موقف يجد جذوره في التزامات المغرب الدولية وسياسته الراسخة في دعم عدم الانتشار النووي.

وفي حين اختارت بعض الدول المجاورة، وعلى رأسها الجزائر، اللجوء إلى خطابات متوترة أو مضامين إيديولوجية قديمة، فإن المغرب يواصل رسم صورته كقوة دبلوماسية هادئة، يشتغل بهدوء، ويفكر بمنطق بعيد عن الحسابات الظرفية.

إنه تموقع يُعزز مكانة المغرب كفاعل إقليمي يحظى بالاحترام، وكرسالة واضحة مفادها: الرباط لا تُرهن مصالحها الاستراتيجية بمزاج الخصوم، ولا تُقايض استقرارها الداخلي بلغة التهييج.

العالم في مفترق طرق: هل نحن أمام حرب محدودة أم بداية الانفجار الكبير؟

الوضع الراهن يضع العالم أمام سيناريوهين لا ثالث لهما:

1 ــ تصعيد محسوب: تتدخّل واشنطن بشكل محدود لردع إيران، وتقبل طهران بخفض تخصيب اليورانيوم تحت الضغط العسكري. وهو سيناريو “الردع دون الانفجار”.

2 ــ الانزلاق المفتوح: تردّ إيران باستهداف مصالح أمريكية في العراق وسوريا والخليج، فتتدحرج الأحداث نحو مواجهة شاملة قد تُغلق مضيق هرمز وتضرب عمق الاقتصاد العالمي.

وفي كلتا الحالتين، يبقى واضحاً أن مرحلة ما بعد 17 يونيو ليست كما قبلها، وأن الخطوط الحمراء لم تعد حمراء في قاموس الحرب الجديدة.

متابعة: المصطفى العياش – خالد بدري – محمد العياش (زنيبر) / “كابريس”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة